المقاومة هي «الأمر الواقع» الحقيقي
إن أزمة الرأسمالية تتفاقم يوماً تلو يوم, وعجلة الزمن تدور بسرعة تقض مضاجع أكبر رموز وزعماء هذا النظام, وهذا أمر لا شك فيه, فالكارثة التي عصفت بمؤسسات هذا النظام, لم تسقط فحسب أبرز شعاراته- وأهمها دعه يعمل دعه يمر, بل أيضاً أعادت العدو التاريخي الأمثل له- الماركسية- إلى الواجهة بعد أن خف الحمل عن كاهل منظريه قليلاًَ بعد انهيار طليعة الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية. وما كنا نسمعه سابقاً من أبرز رموز اليسار, أصبح اليوم يطرح من معظم منظري الرأسمالية أنفسهم.
بعيداً عن الأزمة المالية والاقتصادية، بل أقصد: وقريباً جداً منها, يغوص الاحتلال الأمريكي أكثر فأكثر في المستنقع العراقي, ويسقط الممثل الشرعي لسياسات الإمبريالية في منطقتنا- الكيان الصهيوني- في أوحال المقاومة الممتدة من جنوب لبنان حتى غزة, والتي تحشد خلفها رأياً عاماً عربياً وتأييداً من جميع أحرار العالم من أقصى الأرض إلى أقصاها.
تزامناً مع عودة الماركسية إلى الواجهـة, هناك أيضاً لغة افتقدناها، وحتى لدى بعض القوى التي كانت في قمة هرم الثورية في زمن مضى, ألا وهي لغة المقاومة, والكفاح المسلح بابها الأوسع.
بعيداً عن الاتهامات واللوم المتبادل, أقول لابد الآن، وأكثر من أي زمن مضى, أن تعود تلك اللغة, بل وتتطور، فلا تقف عند حاجز القول اللغوي بل تسقط على الواقع أفعالاً, فالرأسمالية كما هو معروف نظرياً وواقعياً, محتوم عليها المزيد من الحروب مع تطور أزمتها.
إن الفرصة الآن مؤاتية أكثر من أي وقت للتمسك أكثر بالنهج المقاوم والحس الثوري, بل وتطويره وإسقاطه على الواقع ما أمكن, وآن الأوان كي تعود تلك اللغة التي افتقدناها وافتقدها الشارع بحنين شديد. آن الأوان كي تعود تلك القوى التي تخلت عن ذلك الحس وذلك الوعي المقاوم إلى جذورها ومنطلقاتها.. آن أوانها كي تعود مقاومة لا مساومة, وهي بذلك تنتهز الفرصة المؤاتية كي تعود لواقعها ولجماهيرها ومن أوسع باب.
إن بعض تلك القوى كان يحاول في زمن الانكسار خلق مبررات لواقعه متذرعاً بـ« الأمر الواقع»، أما الآن وللتمييز بين تلك القوى الشريفة وبين من يستغل هذا «الأمر الواقع» ليبرر عمالته المبطنة, يجب على القوى الشريفة أن تلتصق بـ«الأمر الواقع» الواقعي فعلاً، أكثر فأكثر, فاليوم المقاومة هي الحقيقة, والكفاح المسلح كطريق وحيد لاسترجاع الحقوق كاملة لا منقوصة السيادة والمساحة, هو الأمر الواقع.
كل ما يتطلبه الأمر اليوم، هو أن تعود تلك القوى للمقاومة الحقيقية- بعيداً عن الدوغمائية- أن تعود للمقاومة قولاً وفعلاً, واعتبارها هدفاً استراتيجياً ومبدئياً, ولتسقط مقولات «السلام» إلى الأبد.
• كاتب سوري مقيم في الأردن