مشردو فرنسا يفضلون الشارع على الحكومة

عددهم 200 ألف أو ما يزيد. ينامون في مداخل البيوت وسط أمتعتم القليلة بحثاً عن بعض الدفء، أو يقضون الليل داخل مراكز تجارية مغطاة في صحبة كلابهم. القليلون منهم يقصدون مأوى حكومياً ولكن على مضض.

إنهم المشردون في فرنسا، أولئك الذين تسميهم الحكومة والقانون «فرنسيون من دون مكان إقامة ثابت». فجأة وعلى عكس العادة ورغم طول تجاهل الحكومة والمواطنين لهم، قفز وضعهم إلى عناوين الصحف بسبب موجات الصقيع التي غطت البلاد بالثلوج.
مات واحد منهم من البرد في «بوردو» ليرفع عدد ضحايا قاطني الشوارع إلى 326 نهاية العام المنصرم، حسب إحصائيات مجموعة «الموت في الشارع». فقال كريستوف لويس، مدير المجموعة التي تضم 40 رابطة تعمل في خدمة المشردين، «من غير المقبول أن يترك الناس ليموتوا في الشوارع. على الحكومة أن توفر لهم مأوى ثابتاً دائماً، فالحلول المؤقتة غير عملية وغير مجدية».
أمر بسنواس أبارو، سكرتير الدولة لشؤون السكن والعمران بوزارة البيئة الفرنسية، المسؤولين البلديين بقبول جميع طلبات المأوى، ذلك لأن قدوم «فترة من البرد القاسي في بلادنا تتطلب تعبئة الجميع، من خدمات الدولة إلى البلديات إلى المواطنين الفرنسيين».
وقالت الوزارة إن ثمة 108 ألف مكان متوفر للمأوى على مدار السنة، وأن ثمانية آلاف مكان جديد ستجري إضافتها هذا الشتاء. وأوضح فرانك ثييبو مستشار الوزارة أن الحكومة، للمرة الأولى هذا العام، تقوم على تنسيق الأنشطة المختلفة الهادفة لمساعدة المشردين دون مأوى. وأفاد أنها رصدت 80 مليون يورو لتوفير «الطابع الإنساني» لأماكن المأوى.
وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد أشهر على الملأ في 2007 أن «أحداً لن يكون مجبراً في فترة سنتين على النوم في الشوارع والموت من البرد، فحق السكن هو واجب إنساني». لكنه على الرغم من هذا الإعلان، يقول الناشطون إنه ينبغي فعل المزيد، ونظموا مظاهرات في باريس للمطالبة بذلك.
«الواقع هو أن الحكومة غير راغبة في مواجهة قضية السكن»، حسبما قال جان باتسيت ايرود، المتحدث باسم مجموعة «حق السكن» المستقلة التي نظمت المظاهرات.
وأضاف أنه لابد أن تتخذ الحكومة «تدابير محددة» لتوفير السكن للمشردين. فقد تسببت الأزمة المالية العالمية في زيادة أعدادهم، ما حمل المجموعة على تكثيف ضغوطها من أجل تنفيذ قانون عام 2007 الذي يقضي بأن السكن حق قانوني بقدر الحق نفسه في الصحة والتعليم.
لكن هذا يعني تنفيذ قانون الاستيلاء الذي يقضي بوضع الأملاك غير المسكونة لإيواء المشردين أو المقيمين في مساكن غير لائقة، بمن فيهم المهاجرون.
وذكرت مجموعة «حق السكن» استناداً للإحصائيات الحكومية، أن ثمة 1.8 مليون شقة غير مسكونة في فرنسا، بل وغيرها من الأماكن التي يمكن أن تأوي المشردين، بما في ذلك 122 ألف شقة في باريس وحدها. ثم هناك «ملايين الأمتار المربعة على شكل مكاتب وغيرها، غير مأهولة أيضاً».
هذه الأماكن غير مسكونة بسبب «الإهمال والاعتبارات التجارية والأنانية»، فيفضل بعض الملاك عدم تأجير بيوتهم لأن القانون الفرنسي عادة ما يميل إلى صالح المستأجرين. وبرر المتحدث باسم «حق السكن» أن المشردين لا يقصدون أماكن الإيواء الحكومية لأنها سيئة ورديئة.