خوليو غودوي خوليو غودوي

لماذا قررت ألمانيا إنقاذ أوربا المتوسطية بعد تركها تغرق!

أثار رضوخ ألمانيا لضغوط شركائها الأوربيين المكثفة للمساعدة في إنقاذ اقتصاديات دول البحر المتوسط الأعضاء في الاتحاد الأوربي، سلسلة من التساؤلات حول حقيقة نوايا حكومة برلين المتهمة بتعميق أزمة اليونان وأسبانيا والبرتغال، وربما إيطاليا أيضاً، بسبب إصرارها على رفض مساعداتها طيلة شهر كامل.

وتزايدت هذه التساؤلات حدة إثر قرار حكومة برلين الموافقة على خطة الإنقاذ التي اقترحها الاتحاد الأوربي بقدر 720 مليار يورو- يساهم فيها صندوق النقد الدولي بـ200 ملياراً- وذلك لانتشال اليونان وأسبانيا والبرتغال وربما إيطاليا ثم ايرلندا.

 

وتنص الخطة على أن تقدم ألمانيا، حال تحققت أسوأ التوقعات، مجموع 120 مليار يورو لدعم مساعي الدول الأوربية المتوسطية لمواجهة الانهيار الاقتصادي الناتج عن الأزمة المالية ومضاربات الأسواق المالية العالمية.

ويعتقد العديد من الساسة والخبراء الاقتصاديين الأوربيين والألمان بأن رفض حكومة أنغيلا ميركل لخطة الإنقاذ طيلة شهر كامل قبل اعتمادها مؤخراً، قد تسبب في تفاقم الأزمة عبر تشجيع الأسواق المالية العالمية، على المضاربة بسندات ديون الدولة اليونانية، بل وبالعملة الأوربية الموحدة، اليورو.

ويقول هؤلاء إن المسؤولين الألمان اقترحوا لدى اندلاع الأزمة اليونانية في فبراير ومارس هذا العام، أن تخرج اليونان من الاتحاد المالي الأوربي وتتخلي عن عملة اليورو وتعود إلى عملتها الوطنية الدراخما وتخفض قيمتها وسعر صرفها لمواجهة أزمتها.

فجلب هذا الرفض الثابت للمستشارة ميركل لقب «السيدة كلا» الذي سبق وأن أطلق على رئيسة الوزراء المحافظة مارغاريت ثاتشير لدى ترؤسها الحكومة البريطانية.

وعلق غوستاف هورن، مدير معهد سياسات الاقتصاد الكلي في برلين قائلاً إن حسابات ديون الدولة اليونانية الخالية من المصداقية، وتحفّظ ألمانيا في تقديم المساعدة المالية لحكومة أثنيا «كانا بمثابة دعوة للمضاربة» في الأسواق المالية العالمية. فقد ساهم العاملان في التلاعب في تصنيف مخاطر سندات ديون الدولة اليونانية في الأسواق المالية العالمية وتفشي حالة الاضطراب فيها، ما تبعه تخفيض ترتيب اليونان في قائمة المصداقية المالية.

كذلك استنكر فرانك فالتر شتاينماير، زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني المعارض، موقف حكومة بلاده مصرحاً في الخامس من مايو «أنها برفضها مساعدة اليونان مالياً في فبراير ومارس، تعتبر المستشارة ميركل مسؤولة عن كارثة هائلة في أوربا».

ونتيجة لذلك ستضطر اليونان إلى دفع نسب أعلى على فوائد ديونها مما كان مفترضاً منذ شهرين، وإعادة التفاوض على سندات الديون أو طلب المزيد من القروض.

يضاف إلى ذلك أن المضاربات المالية قد تسببت في انخفاض سريع في قيمة اليورو أمام الدولار بنسبة تتجاوز 20 في المئة، ورفعت أخطار العدوى إلى دول أوربية أخرى مطلة على البحر المتوسط.

وتفشت موجة الانتقادات لرفض ميركل للتدخل للمساعدة. فصرح جاك لا كاشو، مدير المركز الفرنسي للأبحاث الاقتصادية أن موقف حكومة برلين اتسم بالتناقض.

فمن ناحية تمسكت الحكومة الألمانية حتى الآن بأن الوسيلة الوحيدة للمحافظة على استقرار العملة الموحدة (اليورو) «تأتي فقط من خلال الانضباط في الميزانية وفي الاقتصاد الكلي». لكن هذا المنطق لا ينطبق على حالات فقدان مصداقية هذه العملة.

ومن ناحية أخرى، «تتبع ألمانيا سياسة تجارية بحتة لدعم الصادرات نحو البلدان الأوربية بضغط تكاليف اليد العاملة، الأمر الذي يقلل من الطلب الألماني المحلي، مما أدى إلى فائض كبير في التجارة الدولية الألمانية، وخاصة مع بلدان البحر الأبيض المتوسط»، وفقا للخبير.

فجلب هذا على ألمانيا صفة «السلوك المفترس» والتي أطلقها خبراء اقتصاد فرنسيون ونمساويون وبعض المسؤولين الأوربيين.

وأخيراً يشار إلى أن الواقع قد فرض على ألمانيا تغيير موقفها الرافض. فعلى سبيل المثال، ستضطر أسبانيا إلى إعادة التفاوض على 30 مليار يورو من ديونها في منتصف الصيف المقبل، في وقت يتسم فيه اقتصادها بالضعف ومنتجاتها بعدم التنافسية وتسجل فيها البطالة معدلات غير مسبوقة.

■ نشرة «آي بي إس»