رحلة المكلومين إلى إفريقيا

رحلة المكلومين إلى إفريقيا

بعد انقطاع لمدة عشرين عاماً يعود رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، مجدداً لفتح علاقاته مع القارة الإفريقية، حيث يزور خمس دول: هي أوغندا ورواندا وإثيوبيا وكينيا وإفريقيا الجنوبية، مستبقاً زيارته بعدد من الإجراءات، وبخطاب قال فيه إن الكيان «يعود لإفريقيا وإفريقيا تعود إلى إسرائيل»، فلماذا هذه الاستفاقة تجاه إفريقيا، وما الذي يحمله نتنياهو في زياراته؟

 

مع اتفاق القوى الكبرى لحل أزمات المنطقة - بحكم موازين القوى الدولية الجديدة وتراجع واشنطن عن كونها القوى الأولى والوحيدة عالمياً- لا يستطيع الكيان إيقاف هذا الاتفاق بين الدول الكبرى، ليبقى أمامه خيار وحيد هو تحسين وضعه الإقليمي وحضوره الدولي، قبل نضوج الحلول التي أصبحت قريبة جداً.

الباحث عن حلفاء

الكيان مأزوم، لأن الرياح تجري بغير مشتهاه، فهو الآن يكثف تحركاته صوب إنهاء القطيعة السياسية مع الكثير من الدول في آسيا وإفريقيا، في محاولة منه للكسب السياسي بمحيطه، وهذا ما نوه له نيتناهو حيث قال: «لما كنت سفيراً بالأمم المتحدة كان الكيان له علاقات مع ثمانين بلداً، أما اليوم فنحن نقيم علاقات مع أكثر من 164 بلد»، متحدثاً عن تحسن العلاقات مع كوريا وفيتنام و اليابان.

لكن ما يحاول نتنياهو مواربته هو أن العلاقة الاستراتيجية مع بلد واحد منتصر، خير من العلاقات التي تربطه مع عدد كبير من الدول التي تدور في فلك القطب المتراجع على الصعيد العالمي، مما يعني أن الكيان قد أصبح يبحث عن علاقات كان في السابق لا يكترث بها، وعلى الرغم أن إفريقيا قد رفعت القطيعة السياسية مع الكيان منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، وفتحت سفارات لها في الكيان، إلا أن الكيان كان منكباً على تركيز عمله في سياق توطيد العلاقات مع المحيط الأقرب إليه، أما اليوم، فيجد نفسه باحثاً عن «حلفاء» له أينما وجدوا.

زيارة دول البحر الأحمر ومنبع النيل: رسالة لمصر

زار نيتناهو خمس دول تتميز بأنها تقع على البحر الأحمر من طرف، أو دول منبع للنيل، مما يعيطها مكانه استراتيجية بالنسبة للكيان، ورسالة للجار المصري بأنه يمتلك موطئ قدم على البحر الأحمر، فقد كانت إثيوبيا مكان صراع طويل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من أجل السيطرة على البحر الأحمر والتجارة العالمية، والأكيد أن الكيان يحاول فتح علاقات في أفريقيا للضغط على القوى الإقليمية كمصر والسعودية. 

وفي ستينات القرن الماضي، إبان نكسة 1967، قطعت الدول الإفريقية العلاقات مع الكيان، وبسبب دعم الكيان لدولة الفصل العنصري بجنوب إفريقيا، ساءت العلاقات بين دول القارة والكيان، فهذا الأخير له دور وظيفي موضوع من مشغليه الدوليين هو الحفاظ على المصالح الغربية في محيطه، والكيان لن يخرج عن هذه الوظيفية، وبما أن المصالح الغربية لا تنسجم مع مصالح شعوب إفريقيا، فإن الغالب أن التقارب بين إفريقيا والكيان هو أمر مرحلي، سرعان ما سيصطدم بالمصالح العميقة لشعوب القارة.