أزمة الديون الأوربية تتفاقم

في مواجهتها أزمة الدين الحالية، فشلت منطقة اليورو في توظيف كل قوتها واختارت اللجوء إلى حلول ارتجالية فشل الواحد تلو الآخر بسبب ضعفه.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال في تحليل إن صناع القرار في منطقة اليورو يعكفون على دراسة إمكانية تقديم قروض جديدة لليونان تقضي بمساهمة المستثمرين في السندات، لكن من غير المعروف شكل هذه المساهمة.

وتستهدف القروض الجديدة مساعدة اليونان خلال العامين القادمين رغم أن عدداً قليلاً من الاقتصاديين أو المستثمرين على قناعة بأنها ستسهم في حل المشكلة المالية لليونان بصورة شاملة.

ويقول المعهد الدولي للمالية الذي تشمل عضويته أربعمائة مؤسسة مالية في سبعين دولة في العالم، إن عملية تقديم المزيد من القروض قد تكسب المزيد من الوقت، لكنها ستترك مشكل قدرة اليونان على تسديد الديون دون حل.

ومن غير المعروف مَن هم حاملو السندات اليونانية الذين سيطلب منهم المساعدة وماذا سيطلب منهم بالضبط.

فبعض صانعي السياسة في منطقة اليورو يرغبون في مد فترة استحقاق السندات الحالية، وقد تنظر بعض مؤسسات التصنيف العالمية إلى ذلك بأنه إفلاس.

لكن البنك المركزي الأوربي لا يزال يرفض أي حل يمكن أن ينظر له في هذا الإطار، بمعنى أنه يريد من حاملي السندات والمستثمرين فيها تمديد أجل الاستحقاق بصورة طوعية. ولذلك فإن منطقة اليورو تلجأ إلى لعبة كسب الوقت.

ومثل المعهد الدولي للمالية، قد لا يكون لدى منطقة اليورو الكثير من الأمل فيما يتعلق بمشكلة اليونان، لكنها تحتاج إلى إعطاء أيرلندا والبرتغال وربما إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا الوقت لتنفيذ سياسات التقشف وبرامج الإصلاح الاقتصادي.

وتأمل في أن تكون قوة العدوى قد ضعفت عندما تستطيع اليونان بعد حين تسديد جزء كبير من الدين. لكن هذا التصور يعتمد على نجاح عدة عناصر.

وبالنظر إلى ما حدث في الأزمة المالية العالمية في نهاية 2008 فإن مثل هذا النجاح غير مضمون.

ولا يبدو الوضع في منطقة اليورو أسوأ بكثير من مناطق أخرى في العالم مثل اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا.

وطبقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن عجز الموازنة في منطقة اليورو سيصل إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام و3% في 2012.

وبالمقارنة سيصل عجز الموازنة في الولايات المتحدة إلى 10.1% هذا العام وإلى 9.1% في 2012، بينما سيصل في اليابان إلى 8.9% هذا العام و8.2% في العام القادم، وفي بريطانيا سيصل إلى 7.9% هذا العام.

وبالمقارنة مع الوضع في بريطانيا فإن المستثمرين على قناعة بأن هناك رغبة في تجنيد جميع الموارد الاقتصادية للبلاد من أجل عدم الوصول إلى الإفلاس، لكن في حالة منطقة اليورو فإنه يجري دائما تذكير المستثمرين بأن أي مساعدة للدول الثلاث صاحبة الأزمة فإنها تقدم بشح شديد وبعدم رضا.

وكانت الإجابة دائماً بأن الطريق الأقصر هو الأفضل لحل المشكلة، لكن هذا الطريق دائماً لا يكفي.

ومثال ذلك آلية الاستقرار المالي الأوربية التي تبيع السندات للمستثمرين بناء على ضمانات من الدول ذات الوضع المالي الجيد، لكنها مقابل ذلك تطلب فائدة كبيرة على القروض، وهذه الفائدة أعلى بكثير من الفائدة التي تدفعها هي للاقتراض من الدول الغنية في المنطقة.

لكن في واقع الأمر فإن الفائدة ليست ذات قيمة كبيرة للدول الدائنة الغنية بل هي ذات قيمة عالية بالنسبة للدول التي يتم إنقاذها وتحتاج إلى كل دولار لسد العجز.

إن هذا الأمر يذكر المستثمرين دائما بأنه رغم ادعاء التضامن فإن دول منطقة اليورو في الواقع ليست يداً واحدة. ولهذا السبب فإن الأزمة المالية سوف تستمر.

 

«وول ستريت جورنال – الجزيرة نت»