ماذا يحدث في الحزب الشيوعي الفرنسي؟
انعقد المؤتمر السادس والثلاثون للحزب الشيوعي الفرنسي مابين 7-11 شباط الماضي 2013 في منطقة الحزام الأحمر التي هي البلديات والمدن في ضواحي باريس الشمالية والشرقية والجنوبية التي كان يسيطر عليها الحزب والتي لا يزال للحزب وجود ومشاركة مؤثرة في إدارتها رغم انحسار نفوذه فيها، بمشاركة 806 مندوبين يمثلون مئة وثلاثين ألف عضوموزعين على 96 منظمة محلية يرتبط بها 1500 منظمة فرعية في كل أنحاء البلاد.
وداعاً للمطرقة والمنجل!
تخلى الحزب الشيوعي الفرنسي في المؤتمر عن رمز المطرقة والمنجل، في وقت يجري فيه اعتبار الرموز الشيوعية خارجة عن القانون في بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث تجري محاولات مستمرة من الاتحاد الأوروبي لحرف نضال الحزب عن مساره، وذلك عبر تبني مساواة بين الشيوعية والفاشية.
جاء هذا التخلي بشكل رسمي بعد أن تم التخلي عنه فعلياً أواسط تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى تخليه عن الماركسية اللينينية وتحويل الحزب الشيوعي إلى منبر متعدد يجتمع فيه التروتسكيون، والاشتراكيون الديمقراطيون، واليسار المتطرف، وتجريم النضال في سبيل الاشتراكية، وممارسة قيادته الحالية لسياسة إدارة الرأسمالية والتخلي عن هدف إسقاط البربرية الرأسمالية، أضف إلى ذلك ترأس سكرتير الحزب الوطني «ريبيير لوران» لحزب اليسار الأوروبي الذي يقود عملية تهجين الأحزاب الشيوعية في أوروبا.
لن تكون هناك مطرقة ومنجل على الهويات الحزبية ولن يُرفع في المظاهرات، هذا ما قررته القيادة الجديدة للحزب الشيوعي الفرنسي، مما أثار صدمة كبيرة في أوساط الشيوعيين الفرنسيين، وقد كان الأكثر صفاقة قيام السكرتير الوطني للحزب بالاستهزاء بالمطرقة والمنجل أمام المؤتمر.
انحراف نحوالاشتراكية الديمقراطية
يريد سكرتير الحزب ضم الحزب إلى الجبهة اليسارية أيضاً، وفي هذا السياق علق مسؤول فرع الحزب الشيوعي في باريس إيمانويل دانغ تران في مداخلة على إذاعة فرانس انفومستنكراً قرار إلغاء الشعار التاريخي الطبقي للشيوعيين وأردف قائلاً: «يريد لوران أن ينشىء مع الخضر والتروتسكيين والاشتراكيين الديمقراطيين وآخرين منظمة لخدمة الديمقراطية الاشتراكية وتلك الخطوة تعني أنه لكي تكون متطابقاً في السياسة مع الآخرين يجب أن تلغي شعار المطرقة والمنجل لأن هذا الشعار هوبالنسبة إلى الطبقة العاملة في هذا البلد رمز تاريخي لمقاومة سياسة رأس المال والتصدي للصرف التعسفي من العمل ومكافحة خفض المعاشات وإلغاؤه لم يخطر في بال أي من الشيوعيين».
برر لوران هذا القرار بأنه «يريد للحزب أن يتجه نحوالمستقبل»، «ولأن هذا الشعار لا يمثل ما نحن عليه اليوم» «ولأننا نريد شيوعية تتماشى مع الأجيال »، لكن هرفي بولي أحد المسؤولين في الحزب الشيوعي الفرنسي قال إن هذا الشعار يحمل رمزاً ومعنى يدل على ارتباطنا الوثيق بالحراك الثوري وإلغاؤه بكل صراحة يعني القطيعة مع الحراك.
صراعات التصحيح
جاء هذا القرار ليحيي المخاوف الدفينة عند معظم الشيوعيين الفرنسيين التي كانت قد ظهرت منذ أن حقق مرشح جبهة اليسار جان لوك ميلانشون نسبة عالية من الأصوات في الانتخابات الرئاسية وتلك المخاوف تتمحور حول خطر أن تحل جبهة اليسار محل الحزب الشيوعي وتبتلعه. رفضت منظمة الحزب في باريس هذا القرار واستنكرته في جميع المنابر المتاحة والصحافة الحزبية المحلية التي فتحت الباب على مصراعيه لارتفاع أصوات الاحتجاج أكثر داخل منظمات الحزب المختلفة، كما أن مجموعات شيوعية منسحبة من الحزب كتبت بأن قرار التخلي عن الشعار التاريخي للشيوعيين يأتي في إطار الخط اليميني الذي تبناه الحزب الشيوعي الفرنسي بعد قرارات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي.
لكن أكثر ما يثير الاستنكار اليوم أن بعض الأحزاب التي تعتبر نفسها شيوعية قد رحبت بهذا القرار، ومنهم الحزب الشيوعي العراقي الذي برر ذلك في صحافته بأنه لا شيوعية بدون يمقراطية بينما أدان آخرون هذا القرار مثل الحزب الشيوعي اليوناني.