فيتو مزدوج يعرقل الضربة العسكرية المباشرة على سورية
فشلت الدول الغربية في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي حول سورية حيث استخدمت روسيا والصين حق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار الأوربي خلال جلسة ليلة الأربعاء للتصويت على المشروع كما امتنعت أربع دول عن التصويت عليه هي لبنان والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل.
وقال المندوب الروسي فيتالي تشوركين في كلمته أمام المجلس.. إن نتيجة تصويت اليوم ليست قضية قبول الكلمات والصياغة بل هي اختلاف في الأساليب والنظرة السياسية وقد قام الوفد الروسي منذ البداية بجهود كبيرة للتوصل إلى رد فعل إيجابي من المجلس حول الأحداث التي تحصل في سورية وظهرت بدايات هذا الرد على شكل بيان رئاسي في الثالث من آب الماضي.
وأضاف تشوركين.. بناء على ذلك الأسلوب حددنا مع زملائنا الصينيين مشروع قرار وضعنا فيه بعض التغييرات بالتزامن مع تطور الأحداث وأخذنا بعين الاعتبار أفكار بعض زملائنا.. وهنا نود أن نشكر الدول التي دعمت نصنا.. ومن المهم جداً انه في النص الذي وضعته روسيا والصين أنه تضمن إشارة للسيادة الوطنية وعدم التدخل في سورية ولاسيما التدخل العسكري مع الدعوة إلى الابتعاد عن المصادمات وإلى حوار متوازن لأجل تحقيق السلام المدني والمصالحة الوطنية وتحقيق الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد.
وأكد مندوب روسيا أن رفض مشروع القرار اليوم كان على أساس فلسفة مختلفة ولا يمكن أن نوافق على مثل هذا النص لأنه من غير المقبول التهديد بوضع إنذار لتوجيه عقوبات ضد السلطات السورية وهذا الأسلوب يتعارض مع حل النزاعات على أساس الحوار.. ومطالبنا بعدم قبول التدخل العسكري لم تؤخذ بعين الاعتبار موضحاً أن الصياغة الحالية لمشروع القرار قد تؤدي إلى حصول تطرف بناء على بعض تصريحات السياسيين وذلك يمكن أن يؤدي إلى نزاع وحرب واسعة في سورية وعدم استقرار في المنطقة الأمر الذي سيكون له تأثيرات سيئة على الوضع في الشرق الأوسط.
وأوضح تشوركين أنه لا يمكن دراسة الوضع في سورية في مجلس الأمن بمعزل عن الخبرة والتجربة الليبية وخاصة أن المجتمع الدولي يشعر بقلق شديد من التصريحات المتعلقة بقرارات مجلس الأمن حول ليبيا وتفسير الناتو للتدخل فيها لافتا إلى أن كيفية تطبيق القرارات مهمة جدا ولاسيما أن قرارات مجلس الأمن تم تغييرها وحرفها عن طريقها وتحولت إلى حرب شاملة ونتائج كارثية على الصعيد الإنساني والاقتصادي والسياسي في ليبيا حيث تحول وضع حظر الطيران إلى قصف للمنشآت النفطية ومحطات التلفزيون والمنشآت المدنية كما تحول الحظر على الأسلحة إلى حصار بحري إضافة إلى حصار إنساني واليوم لدينا مأساة في ليبيا.
وقال المندوب الروسي.. فيما يتعلق بسورية نعتقد أنه من غير المقبول حصول أعمال عنف ونرفض الضغوط المبذولة على المحتجين المسالمين إلا أن هذه المأساة ليست فقط بسبب السلطات، فقد أظهرت الأحداث الماضية أن المعارضة لا تخفي تطرفها وهي تأمل بان تحصل على رعاية الأجانب لنشاطاتها وأعمالها الخارجة على القانون كما أن المجموعات المسلحة قامت بدعم من المهربين ومن جهات أخرى بعمليات قتل وتهديد الناس.
وأكد المندوب الروسي أن أفضل طريقة للخروج من الأزمة في سورية هي رفض الاستفزازات وجمع كل الأطراف المسؤولة في المجتمع الدولي لجلب الأطراف المعنية في سورية للتوصل إلى حوار سوري- سوري.
وأضاف تشوركين.. ليس هناك بديل عن الحوار وأن روسيا تواصل اتصالاتها مع دمشق وتدعو السلطات السورية إلى الإسراع في إجراء التغييرات ولا بد من إطلاق سراح الأشخاص المعتقلين أثناء هذه الاحتجاجات الذين لم يرتكبوا أي أعمال إجرامية وإجراء حوار مع المعارضة السورية التي ينبغي عليها أن تقبل دعوة القيادة للدخول في مناقشات حول القوانين الصادرة مؤخراً مبيناً أن روسيا ستستمر في العمل من أجل تحقيق الاستقرار في سورية من خلال حوار شامل بين القيادة السورية والمعارضة بناء على الصيغة أو مشروع القرار الصيني الروسي الذي يدعو إلى حل المشكلة.
من جهته دعا مندوب الصين «لي باو دونغ» في كلمته كل الأطراف في سورية إلى نبذ كل أنواع العنف معرباً عن أمله في أن تقوم القيادة السورية بتطبيق التزاماتها بإجراء الإصلاحات بأسرع وقت ممكن وأن يقوم المجتمع الدولي بتقديم مساعدة بناءة لتسهيل إنجاز هذه الأهداف مع ضمان الاحترام الكامل لسيادة واستقلال سورية.
واعتبر لي باو دونغ أن العقوبات أو التهديد بها لا يحل الأزمة بل يعقدها أكثر وعلى المجتمع الدولي تقديم الاحترام الكامل لسيادة واستقلال سورية.
وأشار المندوب الصيني إلى أن إجراءات مجلس الأمن حول موضوع سورية يجب أن تسهم في تخفيف التوتر ونزع فتيل الخلافات بين الأطراف المعنية وتحقيق حوار سياسي الأمر الذي من شأنه الإسهام في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط مؤكداً ضرورة أن تتوافق هذه الإجراءات مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ولاسيما أن هذا المبدأ يؤثر في أمن الدول النامية وبقائها وخاصة الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم وهذا من المبادئ المهمة جدا للسلام والاستقرار في العالم بشكل عام.
ولفت مندوب الصين إلى أن بلاده قامت بجهود بناءة بالمشاركة في المشاورات الخاصة بمشروع القرار موضحاً أن مجلس الأمن في الوقت الحالي أمامه مشروعا قرارين.. أحدهما تدعمه الصين لأنه يدعو إلى احترام سيادة سورية وحل الأزمة فيها عن طريق الحوار السياسي أما مشروع القرار الثاني فيركز فقط على بذل الضغوط على سورية ويهدد بفرض عقوبات عليها وهذا أمر لا يساعد على تسهيل تخفيف التوتر في سورية ولذلك صوتت الصين ضد هذا القرار مضيفاً أنه بالنسبة للظروف الحالية فإن العقوبات أو التهديد بفرضها سيعقد الوضع بشكل أكبر ولكن ومع الأسف وبشكل مثير لخيبة الأمل نجد أن هذا القلق لم يلق انتباها جيداً من رعاة هذا المشروع.
من ناحيتها عبرت مندوبة الولايات المتحدة عن خيبة أملها من فشل مجلس الأمن الدولي في تبني القرار حول سورية.