التشغيل الفرنسي..  «خطط» من داخل الصندوق

التشغيل الفرنسي.. «خطط» من داخل الصندوق

لا تقف أوروبا على الحياد إزاء تنامي الحراكات الشعبية في العالم. واقع دفع الحكومة الفرنسية إلى وضع ملف التشغيل- الذي يحتل حيزاً هاماً من الجدل في الشارع الفرنسي- على جدول الأعمال، وإن كانت تدخله من بوابة النهب ذاتها.. 

في الثامن عشر من الشهر الجاري، أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في خطاب ألقاه على مسامع أعضاء «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» عن خطة حكومية جديدة لـ«دعم التشغيل، ومواجهة البطالة»، متعهداً بعدم ترشحه لولاية ثانية في عام 2017 إذا لم ينخفض معدل البطالة.

تستند خطة هولاند إلى المخصصات القادمة من الحكومة، والتي تبلغ ملياري يورو، وهي الممولة أصلاً من خلال سياسات «التقشف» وتخفيض الإنفاق. وتقوم هذه الخطة على تدريب مهني لـ500 ألف شخص، وتوفير دعم مادي للشركات الصغيرة- التي لا يتجاوز عدد العمال فيها 250 شخص، ولا يقل عن 10- وهي الإجراءات التي تضاف إلى إجراء سابق خفض الضرائب، بغية دعم الشركات وتحفيز الاستثمار.

تراجع النمو وارتفاع نسب البطالة

ما زال الاقتصاد الفرنسي يدور في فلك الأزمة الرأسمالية العالمية، حيث انخفضت نسبة النمو منذ نهاية عهد الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، إلى 1.1 %، ولم يستطع الاقتصاد الفرنسي توسيع استثمارات داخلية سوى بنسبة 1.5% فقط.

يفتقد الاقتصاد الفرنسي وجود الصناعات الصغرى والمتوسطة، التي تدعم الاقتصاد بشكل كبير. وقد وصلت خسائر التدفق النقدي المباشر في فرنسا إلى نحو 30 مليار يورو، فيما بلغت نسبة الخسائر في قطاع السياحة ما يزيد على 10 مليارات يورو.

بطالة أو هجرة

تبلغ نسب البطالة، حسب الإحصاءات الفرنسية الرسمية ما يقارب 5%. وحسب وكالة «يورنيوز» فقد وصلت النسبة إلى ما يزيد على 10.6%، إذ هناك- في نهاية عام 2015- ما يزيد على 6 ملايين معطل فرنسي عن العمل. بينما ترتفع هذه النسبة في أوساط المهاجرين، لتصل إلى قرابة 80%، مما يجعل من المنطقي أن تتمركز بيئات التهميش في تلك الأوساط.

ولهذه الأزمة الاقتصادية الخانقة وجهاً آخر، إذ كشفت دراسة أجراها مؤخراً باحثون في مكتب «دولواتيه»- الذي يعد من أكبر المكاتب الاستشارية الفرنسية- عن وجود 6.1 ملايين فرنسي يعيشون في الخارج، ومعظمهم أقل من 40 عاماً، وهم حاصلون على شهادات عليا، ويرجع ذلك إلى الأزمة الاقتصادية التي تقف حائلاً أمام توظيفهم .كما بينت الدراسة نفسها أن 27% من الشباب الفرنسي عام 2013، يفضلون العمل خارج فرنسا، مقابل 15% خلال عام 2012.

وجه فرنسا الآخر

خلف قناع «الديمقراطية» الفرنسية، ارتفع منسوب سياسات التمييز العنصري والجور والتهميش والاستغلال، ما أدى خلال ثلاثة عقود إلى ظهور 300 منطقة في ضواحي مدن فرنسا، يقطنها أكثر من 10 ملايين من المهاجرين الفقراء والمهمشين، الذين لا يملكون شيئاً، وهي أشبه بجزر خالية من الحياة، حيث عززت الشرطة حواجز التفتيش حول أبنيتها ذات الارتفاع الموحش، ثم جعلوا السكان يدافعون عن أنفسهم بأنفسهم.

من جهة أخرى، تواصلت الإضرابات العمالية في مناطق مختلفة من فرنسا ضد سياسات التقشف وإعادة هيكلة الاقتصاد طوال سنة 2015، فقد أضرب الآلاف من عمال النقل الجوي احتجاجاً على تسريح 2900 عامل، وأضرب 400 من عمال الموانئ والعبارات المائية احتجاجاً على تسريح 600 عامل، وتدخلت الشرطة لفض هذه الإضرابات بالقوة، كما أضرب الآلاف من عمال السكك الحديدية وسائقي الباصات ضد تخفيض الأجور ومن أجل تحسين أوضاعهم.

مغازلة «قادة الأعمال»

جاء إعلان خطة هولاند الأخيرة بمثابة خطاب إلى قادة الأعمال في فرنسا، كما قال هو نفسه، داعياً في الوقت نفسه إلى إعادة النظر في النموذج الاقتصادي الاجتماعي الفرنسي بمساعدة «قادة الأعمال» أنفسهم، مع إطلاقه وعوداً بإعطائهم 2000 يورو عن كل توظيف جديد!

آخر تعديل على الأحد, 31 كانون2/يناير 2016 00:04