سمنار أممي.. على طاولة « حزب العمل المكسيكي»

سمنار أممي.. على طاولة « حزب العمل المكسيكي»

نظم حزب العمل المكسيكي ندوة أممية، في الفترة من22 – 24 آذار الماضي، تحت عنوان « الأحزاب السياسية ومجتمع جديد»، وهو تقليد سنوي دأب الحزب على تنظيمه منذ ستة عشر عاما. وشارك في الطاولة المستديرة 200 حزب يساري وشيوعي يمثلون 48 بلدا، و300 مندوب يمثلون منظمات مكسيكية عكست زيادة الاهتمام بالسمنار وسعة المشاركة فيه.

وتضمن برنامج السمنار محورين رئيسيين هما:
1 – أزمة الرأسمالية العالمية والهجوم المضاد للامبريالية ضد الحكومات والمشاريع البديلة.
2 – نتائج عمل الحكومات و المشاريع البديلة – الدولة، الأحزاب، الحركات الاجتماعية وبناء سلطة الشعب – اشتراكية القرن الحادي والعشرين.

تناول المحور الأول جوانب الأزمة الرأسمالية، وأكدت إحدى المساهمات على التطورات في بلدان «البركس» والتحولات المرتبطة بها في النظام العالمي. إن ما يجري في هذه البلدان لا يؤثر فقط على نمو الاقتصاد العالمي فقط، بل يؤثر أيضا على الجغرافيا السياسية العالمية. لقد أصبحت الأسواق الداخلية لهذه البلدان هدفاً لمصالح الشركات متعددة الجنسية، فضلاً عن استفادة هذه الشركات من انخفاض تكلفة الإنتاج داخلها للتصدير إلى الأسواق العالمية، وجرى التأكيد على توجه بلدان «البركس» لتأسيس مصرف خاص بها، وتداول العملة الوطنية الصينية (اليوان) في التعامل التجاري فيما بينها.

وفي المحور الثاني ركزت مساهمات عديدة على أزمة اليورو والتطورات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتأثيرات أزمة الرأسمالية والنضال من أجل بدائل للبرالية جديدة.

 وفي هذا السياق حذر«اندريه بتساره» من الحزب الشيوعي البرازيلي، من هجوم القوى اليمنية التي تسترجع بعض المواقع وتصبح أكثر عدوانية، للرد على الانخفاض النسبي لهيمنتها، مذكراً بالتدخل العسكري في ليبيا والمحاولات الحثيثة للتدخل عسكريا في مجريات الصراع الدائر في سورية، والتهديدات المستمرة لإيران.

 إن الامبريالية تغير استراتيجييها، وتسعى لتسخين الأجواء وتصعيد التوترات، فهي تسعى على سبيل المثال لاحتواء الصين.

 وأضاف « ولكن هناك في الجانب الآخر حقائق جديدة ذات ملامح ايجابية وتقدمية.

إن بلدان الأطراف تتحول إلى مركز مؤثر يرفض التدخلات ويدافع عن السلام وعن حق الشعوب في التنمية والتطور، ونشير هنا إلى دور بلدان منظمة «البركس»، كما أننا مقتنعون باستمرار التطورات الديمقراطية في بلدان أمريكا اللاتينية، وتأسيس منظمة (CELAC) من 33 دولة في الأمريكيتين التي استثنت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا من المشاركة فيها،إلا مؤشر لبداية «دورة تاريخية جيدة»

نظام بديل أم تجديد الرأسمالية؟

في المساهمة التي افتتح بها ممثل الجبهة السندانية المحور الثاني أشار إلى وصول جبهته للسلطة في نيكاراغوا عام 1979 عبر الكفاح المسلح وإلى فقدانها السلطة بعد انتخابات عام 1992 وإلى عودتها للسلطة ثانية عبر صناديق الاقتراع وتجديد انتخابها في عام 2011.

عموماً يمكن القول إن أحزاب اليسار ويسار الوسط تحكم اليوم غالبية بلدان أمريكا اللاتينية، وبهذا الشأن يتساءل ممثل السندانيين: «ولكن إلى أي مدى يمكن الحفاظ على النجاحات باتجاه التحول إلى نموذج اشتراكي؟، وما هو حجم الدعم لبناء سلطة شعب حقيقية، ولا يقتصر الأمر على نجاحات انتخابية؟».

إن اختلاف محتوى البرامج الحكومية على أساس التوازن السياسي للقوى الاجتماعية، وخصوصية اختلاف الظروف في كل بلد على انفراد أمر طبيعي، وفي الواقع هناك برامج مختلفة للحكومات البديلة، فهناك حكومات تسعى إلى إقامة «عملية تأسيسية» لتغيير جذري، كما هو الحال في فنزويلا وبوليفيا والاكوادور، وهناك نجاحات في استبدال الحكومات اليمينية بحكومات اليسار أو يسار الوسط، كما هو الحال في البرازيل وأوروغواي ونيكاراغوا.

وتناول فالتر بومار، عضو قيادة حزب العمال في البرازيل، ومنسق منتدى ساو باولو، السؤال نفسه، مفترضا فشل الوصول إلى السلطة السياسية في أميركا اللاتينية عن طريق الكفاح المسلح، وان الجمع بين النضال الاجتماعي والبرلماني أدى في كل بلد بهذه الدرجة أو تلك إلى نجاحات كبيرة، ولكن بعد 13 عاما (انتخاب هوغو تشافيز في عام 1998 كان بداية وصول قوى اليسار إلى السلطة) يبدو أن النشوة قد اختفت.

إن قوى اليسار في أمريكا اللاتينية وصلت بطرق مختلفة إلى نهايات طريق الانتخابات وللتوسع في تناول هذه الموضوعة يضيف فالتر بومار: «ان الاختلاف في العمليات السياسية وبين الثقافات، والفوارق بين الدولة والحكومة تزداد وضوحا، والمزاوجة المعقدة بين الديمقراطية التمثيلية والمباشرة، والحدود بين المشاركة الشعبية والحركات الاجتماعية، والاختلافات بين الشرعية الثورية وشرعية المؤسسات، يضاف إلى ذلك آليات الدفاع عن الدولة المدنية - البيروقراطية والفساد، القضاء والقوات المسلحة - تحد من فعالية الحكومات التقدمية و التي يقودها اليسار» ويستنتج في الختام: اليسار في أمريكا اللاتينية يحتاج إلى تبادل مكثف للخبرات إقليميا وعالميا حول المزج بين الانتخابات البرلمانية، والوسائل الحكومية كأداة للتحول الاشتراكي وعندئذ يمكن رفع التناقض فقط بين أولئك الذين يريدون المضي قدما بسرعة أكبر وأولئك الذين يريدون المضي قدما بسرعة أكبر مما يسمح به توازن القوى، وهذا مرتبط بسؤال أكثر تعقيدا هو: فهم المرحلة التاريخية التي نعيشها، والدور الذي تلعبه الصراعات القائمة في أمريكا اللاتينية.

وقدم ممثلو العديد من دول أمريكا اللاتينية عرضا للخبرات التي تعكسها التجارب في بلدانهم، كما تناولوا الانتخابات المقبلة في عدد من بلدان القارة، يذكر أن أحزاب شيوعية وقوى يسارية من أوربا وأسيا وافريقيا اشتركت في أعمال السمنار.