ثلاثية متوسطية.. فرصة لالتقاط الظرف الإقليمي

ثلاثية متوسطية.. فرصة لالتقاط الظرف الإقليمي

يبدو أن الحكومة المصرية تعمل على معالجة شبكتها التقليدية من العلاقات الإقليمية حول البحر المتوسط، في سياق محاولة استعادة الدور الخارجي الصلب، والخروج التدريجي من مستنقع العلاقات الخارجية التي سادت في زمني مبارك ومرسي.

تجد مصر من الضرورة بمكان، تطوير العلاقات الثنائية مع اليونان وقبرص، بغرض الاتصال بين شمال أفريقيا والسواحل الأوروبية، وإن كان هذا السبب يصلح في كل مرحلة تاريخية من عمر هذه الدول، إلا أن حجم التجاذبات على السواحل الشرقية للمتوسط في هذه المرحلة، يعطي هذه العلاقات زخماً إضافياً يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب، فضلاً عن رسائل سياسية لدول بعينها.

يعد اللقاء الثلاثي مؤخراً بين قبرص واليونان ومصر، هو الثالث من نوعه بعد قمة القاهرة في عام 2014، وقمة قبرص في شهر أيلول من هذا العام. في الجانب السياسي، بحث أطراف اللقاء القضايا الراهنة إقليمياً، وفي مقدمتها الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والأزمتين السورية والليبية، في محاولة لتنسيق المواقف السياسية حيالها، فيما جرى التركيز على قضية مكافحة الإرهاب، وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بهذا الصدد، كأولوية خلص إليها البيان الختامي للقمة.

وإذ يجري تثبيت دورية هذه القمة بين الدول الثلاث، وتثمير النتائج على أرض الواقع، إضافة إلى استمرار التعاون العسكري بين اليونان ومصر، فإن ذلك يعني ضمناً تخفيض مخاطر الاستفراد التركي بالمياه الإقليمية في المنطقة، خصوصاً في ظل غنى سواحل هذه الدول بموارد الطاقة. ليبقى «الخطر التركي» أحد أكبر أسباب التنسيق الفاعل بين مصر وجيرانها الأوروبيين، وإن بقي ضمنياً في هذا القمة، إلا أنه ظهر جهاراً في لقاءات سابقة.

إن ما يجمع كلاً من مصر واليونان وقبرص هو في الدرجة الأولى ذلك التنافس الإقليمي الحاد مع تركيا، التي كانت حتى الأمس القريب من أكثر اللاعبين الفاعلين في المنطقة، فضلاً عن الضرر المشترك لهذه الدول من تنامي الدور التركي خلال المرحلة الماضية، مع ما كان يحمله من احتمالات حسم الملفات العالقة بين هذه البلدان وتركيا لمصلحة تلك الأخيرة.

ويبدو أن السؤال المطروح اليوم هو: بالتوازي مع الورطة التركية التي لا يبدو أن نتائجها مؤقتة أو مرحلية، هل تجهز الدول المتضررة الثلاث، مصر واليونان وقبرص، تحالفاً إقليمياً من شأنه الانخراط في التوجهات الاستراتيجية المتناغمة مع توازنات القوى الدولية اليوم؟ والأهم، هل حجم المشاكل الداخلية في هذه الدول، يسمح لها بخوض معركة خارجية من هذا النوع؟