ذكرى النصر.. أضخم عرض عسكري في تاريخ روسيا
قاتلت القوات السوفييتية خلال الأعوام الخمسة الأولى من الحرب العالمية الثانية بشكلٍ منفرد ضد جحافل ألمانيا النازية، قبل أن يبادر الحلفاء للالتحاق بركب المعركة في سنتها الأخيرة. من أيلول/1939، حتى توقيع رئيس هيئة الأركان العامة للفيرماخت الألماني، فيلهلم كايتل، وثيقة استسلام ألمانيا النازية في 8/5/1945، صنعت شعوب الاتحاد السوفييتي نصرها الذي يأتي الاحتفال به في هذا العام، خارجاً عن الطابع المناسباتي للحدث.
حتى ساعة دخول هذا العدد من «قاسيون» إلى المطبعة، لا تكون قد بدأت بعد مراسم الاحتفال بالذكرى السبعين للنصر على الفاشية، المقرر إجراؤها في الساحة الحمراء بموسكو يوم السبت 9/5/2015، بتمثيلٍ دبلوماسي عريض يشمل قادة دول الصين والهند وجنوب أفريقيا وكوبا وفنزويلا والأرجنتين وفرنسا وألمانيا وفيتنام وزيمبابوي، مروراً بمقدونيا ومنغوليا والبوسنة والهرسك، ووصولاً إلى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وقبرص وصربيا والتشيك.. وغيرها الكثير من الدول.
أكثر من 15.000 جندي وضابط من القوات المسلحة في روسيا موزعين ما بين أفواج القوات البرية والبحرية والجوية، وكتيبتا الدفاع الجوي الفضائي والصواريخ الاستراتيجية، وغيرها الكثير من التشكيلات القتالية الرسمية والأكاديمية، ستكون حاضرة في الساحة الحمراء بموسكو، للمشاركة في إحياء ذكرى انتهاء الحرب الوطنية العظمى والقضاء على النازية، على وقع أكثر من 50 مارشاً عسكرياً ستعزفها أوركسترا «حامية موسكو» العسكرية المؤلفة من ألف موسيقار، فيما أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن «أضخم عرض عسكري في تاريخ روسيا ستشهده الساحة الحمراء هذا العام».
عروض أول لآليات حربية جديدة
ستشارك في العرض إلى جانب الآليات العسكرية القديمة، عدد من الآليات الحديثة وتلك التي يجري عرضها لأول مرة، حيث تصل حصيلتها الإجمالية إلى ما يقارب 200 آلية عسكرية. في مقدمتها دبابة «T90A» والمدرعتان «Tiger» و«BTR82A»،ومنظومة مضادات الطائرات «كورنيت.د»، ومدافع «مستا إس» ذاتية الحركة، ونظام «بانتسير إس1» للدفاع الجوي الصاروخي المدفعي، عدا عن بطاريات الصواريخ «S400»، ومنظومة الصواريخ التكتيكية «اسكندر إم».
وللمرة الأولى في العروض العسكرية التي درجت روسيا على إقامتها، ستدخل منظومات الصواريخ المضادة للسفن «باستيون» و«بال»، ودبابات ومدرعات «أرماتا»، إلى ميدان الساحة الحمراء.
في موازاة ذلك، تنخرط ما يقارب الـ150 طائرة ومروحية في العرض، بما فيها الطائرة الاعتراضية «ميغ31»، ومقاتلات «سو 34- 27-25»، وقاذفات «تو 160- 95- 22»، فيما ستعرض للمرة الأولى المقاتلتين «سو 30 اس ام» و«سو 35 إس».
إعادة كتابة التاريخ غربياً
في سياق التجاذبات التي شهدتها التحضيرات لعيد النصر، توجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للمشاركين في مؤتمر «دور الاتحاد السوفييتي والصين في تحقيق النصر على النازية الألمانية والعسكرية اليابانية»، للتأكيد على أن المحاولات الغربية المحمومة الجارية حالياً هي «محاولات وقحة لإعادة كتابة التاريخ من أجل تحقيق مصالح سياسية آنية، بما في ذلك محاولات رد الاعتبار للنازيين وعملائهم».
بدوره، شدَّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على أن موسكو «ستواصل التصدي لمحاولات وضع علامة المساواة بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، وأولئك الذين سعوا لاستعباد العالم برمته».
36 مدينة روسية تحيي الذكرى
على هامش العرض العسكري المركزي، نظَّمت أكثر من 36 مدينة روسية، وغيرها من مدن جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً، احتفالات متنوعة بالمناسبة. حيث رفعت «الشعلة الخالدة» من ضريح الجندي المجهول في موسكو لتجوب عدداً من المدن الروسية، في طقس سنوي درجت روسيا على إحيائه في يوم النصر.
كذلك، شارك ما يقارب خمسة آلاف شخص في مسيرة حاشدة بمدينة سانت بطرسبرغ يوم الأربعاء 6/5/2015، إحياءً للانتصار، واستذكاراً لشهداء المدينة الذين سقطوا في المعركة ضد النازية، رافعين صوراً لبعض شهداء الحرب إلى جانب صور أخرى للزعيمين السوفييتيين، فلاديمير لينين وجوزيف ستالين.
لقاءات الحلفاء على هامش الاحتفال
وفي وقتٍ توافد فيه بعض ممثلي الدول قبل موعد الاحتفال المقرر بأيام، انفتحت الإمكانية لعقد عددٍ من اللقاءات التنسيقية بين روسيا والدول الحليفة لها. حيث أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنه بحث مع نظيره الصيني، شي جين بينع «القضايا الدولية الملحة، بما في ذلك القضيتين السورية والإيرانية والوضع في شبه الجزيرة الكورية ومسائل ضمان الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ»، في حين أكد بينغ على «دعم بكين لروسيا، بصفتها الدولة التي تترأس «بريكس» ومنظمة شنغهاي للتعاون في العام الحالي»، مضيفاً: «إننا مستعدون لتوحيد جهودنا مع الجانب الروسي، لكي تسهم هاتان الآليتان بقسط أكبر في ضمان السلام والتنمية والازدهار في المنطقة والعالم برمته».