الأول من أيار.. «شبح ماركس» يجول في الأفق..!
«في أيار من كل عام، شبحٌ يأتي إلى مضاجعنا. شبح كارل ماركس. هتلر حاول دفنه، وخروتشوف عمل على إغراقه، وقبل ذلك الكنيسة الكاثوليكية حاولت مواجهته كما فعلت مع يوسف القديس.. وعلى الرغم من أننا ندرك أنه العقل المدبر، إلا أننا لا نرتاح إلى سير هذا الشبح أمامنا، فوجوده يذكرنا بالأشياء الصعبة التي نعانيها.. يوم أيار هو يوم ماركس، سواء أحببنا ذلك أم لا». يبدو أن التعليق الوحيد على هذه المقدمة التي أوردتها صحيفة «ذي غارديان» البريطانية في 1/5/2015 هو المثل المعروف: «وشهد شاهدٌ من أهله»..!
مثقلون بهموم وتطلعات الطبقة التي ينتمون إليها، ومتسلحون بالأمل الذي بات مشروعاً في ظل تخبط المنظومة الرأسمالية، أحيا عمال العالم في الأول من أيار هذا العام، مجموعة من الاحتجاجات والمظاهرات والاحتفاليات والندوات التي جابت ساحات العالم من الولايات المتحدة إلى شرق آسيا.
الولايات المتحدة الأمريكية: الأزمة أزمات
يتزامن احتفال عمال الولايات المتحدة، هذه السنة، مع أحداث بالتيمور التي شغلت البلاد، حيث نزل العديد من العمال في مظاهرات رفعت شعارات جمعت مطالب العمال وقضايا الهجرة والتضامن مع المطالب المحلية الخاصة بمدينة بالتيمور.
وفي حركة لافتة، أعلن «الاتحاد المحلي لعمال تخزين المياه» في أوكلاند، عن عزمه الإضراب عن العمل في أكثر من عشر فروع له في المدن الأمريكية، خلال عيد العمال، ما أثار توجساً لدى السلطات المحلية في الولاية.
كوبا: مليون متظاهر لمواصلة القتال
احتفالاً بالعيد ذي الهوية الاشتراكية، نزل أكثر من مليون متظاهر كوبي إلى ساحة الثورة وسط العاصمة هافانا، للتعبير عن تضامنهم مع السياسات الحكومة الكوبية، و«التأكيد على الاستعداد الدائم للعمال الكوبيين نحو مواصلة القتال في سبيل الاشتراكية» وفقاً لما نقلته عدد من الصحف الكوبية.
أوروبا: احتفالات عمالية واحتجاجات على التقشف
في أوروبا، الغارقة في وحول الأزمة الاقتصادية، نُظِّمت عدة احتجاجات ومسيرات. في باريس التي زاوجت فيها النقابات العمالية بين شعارات الاحتجاج على خطة التقشف التي ترمي إلى «توفير خمسين مليار يورو»، حسب الادعاء الحكومي، وبين ما عبَّرت عن هموم أخرى للطبقة العاملة الفرنسية.
وفي اليونان تظاهر الآلاف من العمال والمعطَّلين عن العمل، في ساحات أثينا وتيسالونيكي، احتجاجاً على التقشف الحكومي، رافعين شعارات تذكِّر بأن «الثروة هي ثمار جهود العمال».
بالمثل احتشد الآلاف في إيطاليا ضد البطالة والتقشف، قبل أن تتحول المظاهرات، وبنتيجة لعنف قوات الشرطة إلى اشتباكات مع المتظاهرين الذين عبَّروا عن رفضهم للتعهدات التي قدمها رئيس الوزراء، ماتيو رنزي، بـ«إعادة الثقة للإيطاليين» الذين يعانون منذ أكثر من سنتين من حالة الانكماش الاقتصادي.
وخلال تظاهرهم في مدينة فايمر، انقلبت احتفالات العمال الألمان إلى مواجهات واشتباكات إثر قيام أربعين شاباً من (النازيين الجدد) باقتحام مظاهرة اتحاد النقابات العمالية الألمانية، أسفرت عن جرح 15 شخصاً.
وفيما قرر المتظاهرون البريطانيون رفع صور الزعيم السوفييتي، جوزيف ستالين، في احتجاجهم الذي طاف في شوارع لندن، كانت دول إسبانيا وبلغاريا وايرلندا قد شهدت تظاهرات واحتجاجاتٍ وعدداً من المؤتمرات النقابية التي عقدت بالمناسبة.
«الربيع والعمل» في موسكو
نظمت الأحزاب السياسية والنقابات المهنية الروسية احتفالاً ضخماً، شارك فيه أكثر من 140 ألف عامل، بيوم «الربيع والعمل» أو يوم «التضامن العمالي العالمي»، وهو الاسم المتعارف عليه منذ أيام الاتحاد السوفييتي للدلالة على «عيد العمال»، في الساحة الحمراء وسط العاصمة موسكو.
رفع المشاركون في الاحتفالية لافتات كتب عليها: «من أجل العمل اللائق والأجور اللائقة»، و«من أجل الضمانات الاجتماعية»، وغيرها الكثير من المطالب والشعارات العمالية. وشهدت روسيا أكثر من 300 احتفالية سياسية ونقابية وثقافية في إطار احتفالات المناطق الـ85 في روسيا الاتحادية بهذا العيد الوطني.
في موازاة ذلك، تجاوز مئات العمال الأوكرانيين قرار المنع الذي أصدرته سلطات كييف للاحتفال بعيد العمال، فنزلوا للتظاهر وسط المدينة رافعين شعارات منددة بالسياسات الحكومية وارتفاع الأسعار و«المشكلات المفتعلة مع روسيا».
فلسطين: الواقع أسوأ من التقارير
في فلسطين المحتلة أصدرت عدة قوى وطنية ويسارية فلسطينية بيانات بالمناسبة في حين أفاد «مركز الإحصاء الفلسطيني» في تقريره الصادر مؤخراً، عن وصول معدل البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى 338 ألف مُعطَّل عن العمل، بنسبة 27%، خلال عام 2014. وفيما بلغت النسبة عند الذكور 24% للذكور، وصلت لدى الإناث إلى 38%.
وفيما منعت الحكومة الفلسطينية في غزة فصائل فلسطينية أخرى أرادت إحياء المناسبة في القطاع يؤكد الواقع الفلسطيني أن أزمة البطالة أكثر تفاقماً هناك، حيث وصلت بعد العدوان الصهيوني الأخير إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ القطاع، تقدِّرها بعض المراكز بأكثر من 55% من القوى العاملة، بينما وصل عدد المعطلين عن العمل إلى أكثر من ربع مليون مواطن، كما ارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع لتتجاوز 65%.
العمال الأتراك يكسرون حظر «تقسيم»
تحدى العمال الأتراك قرار حكومة «العدالة والتنمية» بحظر الاحتجاجات في البلاد، محاولين الوصول إلى ميدان تقسيم وسط العاصمة اسطنبول، قبل أن تلجأ قوات الشرطة المقدرة بعشرات الآلاف إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، لتفريق المتظاهرين.
وبالرغم من ذلك، فقد نظم اتحاد العمال الأتراك تجمعاً آخر في ميدان كاديكوي في الجزء الآسيوي من العاصمة.
شرق آسيا: ضد الوعود الليبرالية
تحولت التظاهرات التي شملت أكثر من 100.000 عامل في كوريا الجنوبية إلى اشتباكاتٍ عارمة، بعدما منعت قوات الشرطة المتظاهرين من السير نحو منزل الرئيس الكوري الجنوبي للاعتصام أمامه. وهدَّد العمال خلال ذلك بتوسيع نطاق احتجاجاهم ليصل إلى حد الإضراب العام، فيما لو مضت الحكومة بما تسميه «برنامج الإصلاح» الذي يعتمد على «إدخال المرونة إلى الجمود الاقتصادي»، وفتح المجال أمام المزيد من الشركات متعددة الجنسية واستقبال العمالة الأجنبية، ما يهدد بارتفاع مستوى البطالة في كوريا الجنوبية.
وفي السياق ذاته، نفَّذ الآلاف من عمال العاصمة الماليزية كوالالمبور، احتجاجاً على مضي الحكومة في فرض ضريبة جديدة على الخدمات والسلع، فيما قام متظاهرو بنغلادش، الذين تراوحت أعدادهم بين 10.000 و15.000 متظاهر بالاعتصام الذي قاده اتحاد العمال.