مفاجأة المجلس المركزي الفلسطيني!

مفاجأة المجلس المركزي الفلسطيني!

أحد عشر شهراً انقضت على آخر اجتماع للمجلس المركزي الفلسطيني. وكحال باقي الهيئات الفلسطينية التي تتراوح بين التغييب والتمديد، فإنه لمن المفيد الإضاءة على وضع المؤسسات الفلسطينية الرسمية.

إن مرور تسعة أعوام على الانتخابات التشريعية، وعشرة أعوام على الانتخابات الرئاسية، هو مخالفة صريحة لنص القانون الأساسي للمجلس المركزي المعدَّل لعام 2005، والذي حدد في المادة (36) منه أن «مدة رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية هي أربع سنوات»، وكذلك مخالفة لقانون الانتخابات العامة رقم (9) لعام 2005، في نص المادة (2) بند (2) «مدة ولاية الرئيس أربع سنوات».
أما بما يتعلق بالمجلس التشريعي، فإن عدم إجراء الانتخابات هو مخالفة صريحة للقانون الأساسي المعدل لعام 2005، في المادة رقم (47) بند رقم (3)، والذي ينص على «مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه، وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية». ومخالف أيضاً لقانون الانتخابات رقم (9) لعام 2005، في مادته رقم (2) بند رقم (4) والذي ينص على أن «تكون مدة ولاية المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه، وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات».
بعد اثنين وعشرين عاماً على توقيع «اتفاق أوسلو» عام 1993، وانقضاء ست عشرة سنة على انتهاء المرحلة الانتقالية، مازال البعض يكرر على أسماع الشعب، عبارات «الدولة الوطنية والسلطة ذات السيادة»...المنقوصة.
أية منظمة؟
أمام هذا الواقع المرير لما تبقى من المؤسسات: اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني والتشريعي والمركزي «منتهية الصلاحية»، يبدو تكرار الحديث عن «إعادة إحياء المنظمة وتطوير/ تفعيل مؤسساتها» كلاماً معلقاً بالهواء، لأن هناك واقعاً يحتاج لجهد استثنائي تنهض به القوى السياسية والشعبية الوطنية، المتمسكة بالثوابت التي حملها شعار المنظمة «وحدة وطنية/ تعبئة قومية/ تحرير» لأن سلطة المقاطعة، التهمت المنظمة: إطاراً ومؤسسات، وحولتها إلى ختم تمهر فيه تنازلاتها.
السؤال الذي ينتظر جواباً صريحاً ومباشراً: أي منظمة تريدون؟ منظمة لتحرير الوطن الفلسطيني والتمسك بالثوابت التي تضمنها الميثاق، أم منظمة تتنازل عن ثمانين بالمائة من أرض الوطن، وتسوق لكيان القتلة الغزاة، عبر الاعتراف به من 57 دولة إسلامية في حال وافق المحتل على «إعطاء السلطة.. دولة»؟!
التأمت جلسات الدورة 27 للمجلس يومي 4 و5 آذار الحالي بحضور 80 من أصل 110 يشكلون كامل أعضائه. غياب الأعضاء تم قسراً؛ نتيجة إجراءات العدو المحتل الذي منع قدوم قسم من قطاع غزة، والقسم الآخر لكونه معتقل في سجونه. وقبل أيام قليلة، صدر البيان الختامي عن أعمال المجلس الذي أعاد التأكيد على جملة التوجهات السياسية التي تلتزم بها السلطة، سواء داخلياً أو إقليمياً أو دولياً. لكن اللافت في البيان ما تضمنه البند الخامس الذي حمل عنوان: رؤية المجلس المركزي للعلاقة مع سلطة الاحتلال:
1. تحميل سلطة الاحتلال «إسرائيل» مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال، وفقاً للقانون الدولي.
2. وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال «الإسرائيلي» في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
بلطجة لا نهائية وحل وحيد
إن تحميل المحتل المسؤولية الكاملة عن الأراضي والسكان، يعيد التأكيد على أهمية أن نتعامل مع الوضع القائم على ثنائية، طرفاها: الاحتلال بكل قوانينه وممارساته الفاشية، وشعب واقع تحت الاحتلال ويمارس مقاومته المشروعة، ويحتاج– فقط- لجبهة وطنية موحدة تقود صراعه مع المحتل وتوفر للمجتمع المحلي عوامل الصمود والحياة.
طوال السنوات التي أعقبت تطبيق «أوسلو»، حسب مزاجية ومصالح المحتل، وبتغطية من الراعي الأمريكي، أقدمت حكومات العدو المتعاقبة على بناء المستعمرات ومصادرة الأراضي، وتوفير الحماية لتنظيمات القتلة مثل «دفع الثمن» التي مارست خطة منهجية في إرهاب المواطنين العرب وحرق وتدمير المساجد والكنائس. كما غطى جيش القتلة كل المحاولات لاقتحام المسجد الأقصى.
إن «بلطجة» حكومة العدو لم تبدأ بحجز أموال الضرائب، ولن تنتهي بأية تصرفات عدائية تجاه الشعب. فالاحتلال القائم على طرد أصحاب الأرض وقتل وسجن المواطنين، ليس تعبيراً عن بلطجة مجموعة من الزعران، بقدر ما هو، نتاج الغزو والاحتلال والمذابح.
إن اسقاط الاتفاق الكارثي والتحرر من تبعاته، مهمة وطنية عاجلة، تتطلب المباشرة الفعلية لتطبيقها، الخروج النهائي من سياسة الإذعان والاستسلام والتنازلات، والتوجه للقوى الشعبية والمجتمعية، وهو ما تستطيع تحقيقه قوى المقاومة المسلحة، المتمسكة بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها، إدامة الاشتباك مع العدو واستكمال مهام التحرر الوطني.