الهند باكستان أفغانستان.. خط توتر أمريكي؟
قياساً بحجم الحريق المندلع في سورية والعراق، يبدو الحدث في دول جنوب وسط آسيا- باكستان والهند وأفغانستان، أو حتى في اليمن وشبة الجزيرة العربية- فاتراً، ولكنه حقيقة الأمر متوتر ومشتعل بما فيه الكفاية.
إن سياسات دولة الاحتلال الأمريكي، وقبلها سياسات المستعمر البريطاني الذي قسَّم شبة الجزيرة الهندية على أساس طائفي، خلق معه باكستان إسلامية وهند هندوسية، التقسيم الذي أمَّن شروط التوتر. وكلما تأزم المركز دفع بالقوى التي يسيطر عليها في هذه البلدان لتحريك العنف بهدف تنفيس أزمات المركز من جهة، وللضغط على دول هذه البلدان التي ترغب بتحقيق التنمية والاستقلال (الهند خصوصاً).
أمريكا تخلق الذرائع للتدخل
من جهة أخرى، يضغط العنف في هذه البلاد على كل من الصين وروسيا، وكل التدخلات الحديثة بشؤون هذه المنطقة (من إنشاء التيارت الجهادية لمحاربة السوفييت، ثم جعلها- أي الحركات الجهادية- سبباً وذريعة للتدخل العسكري المباشر في أفغانستان، ومع هذا التدخل زاد منسوب العنف وارتفع غليان المنطقة).
إن التدخل الأمريكي خلق الشروط الموضوعية الكافية لاستمرار دائرة الحريق بلا توقف. حيث لم تُحلّ إلى الآن أي من القضايا الخلافية بين دول المنطقة. وهي مشكلتا كشمير والحركات المتطرفة الجهادية. وكلا المشكلتين يشكلان السبب الرئيسي لاستمرار التوتر بين دول المنطقة، وانشغالها بالحرب بدلاً من تحقيق التنمية. وجد في باكستان وحدها 85% من حالات الإصابة بشلل الأطفال.
تقوم السياسة الأمريكية الحالية التدخلية والعدوانية على فكرة خلق الذرائع للتدخل المباشر في الدول، لفرض وزن عسكري إلزامي على الدول التي يبدو أنها استشعرت أن الوزن الأمريكي بالفعل قد انخفض، بحكم أزمة المركز الرأسمالي. وصار بالإمكان رفض التعليمات والخروج عن رسمات السيناريو الأمريكي.
عقوبة الهند: توتر على الحدود في كشمير
أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الهندية، الثلاثاء 30 أيلول، أن نيودلهي لن تنضم إلى التحالف الدولي الذي تم تشكيله لمواجهة تنظيم «داعش». وفي مؤتمر صحفي عقد في واشنطن بعد محادثات بين رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أكَّد وزير شؤون الأمريكيتين في وزارة الخارجية الهندية، فيكرام دورايسفامي أن الهند «لن تنضم إلى أي تحالف كان».
تزامنت السلسلة الجديدة للغارات الأميركية داخل الأراضي الباكستانية، مع استمرار التوتر على الحدود الهندية الباكستانية. واتهمت القوات الباكستانية المرابطة على الحدود مع الهند القوات الهندية بإطلاق نار عشوائي، يوم الجمعة، على القرى والأحياء الباكستانية.
وادعت مصادر في القوات الخاصة الباكستانية «رينجرز»، المرابطة على الحدود أن «الجانب الهندي هاجم أراضي باكستانية بأسلحة ثقيلة وخفيفة في نقطة سيالكوت، وأن القوات الباكستانية ردت بالمثل». فيما اتهمت القوات الهندية الجانب الباكستاني بإطلاق نار على أراضيها وإصابة ثلاثة مواطنين هنود.
الإرهاب جاهز... بقي أن تأتي أمريكا!
مع استمرار التوتر على الحدود الهندية الباكستانية، وتبادل إطلاق نار بين القوات الهندية والباكستانية المرابطة على الحدود، والذي أدى إلى مقتل عشرة أشخاص خلال يومين، تزايدت هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار في المناطق القبلية الباكستانية، وشهدت مقاطعة شمال وزيرستان القبلية، ثلاث غارات بطائرات تجسّس أميركية، أسفرت عن مقتل 20 مسلحاً.
وتزامنت الغارات مع تصعيد الوضع في المناطق القبلية الباكستانية، بعد إعلان بعض الفصائل «الجهادية» تأييدها لـ «داعش». ففي بيان لها بمناسبة عيد الأضحى، تؤكد حركة «طالبان باكستان» مساندتها لـ«الدولة»، واعتزامها الدفاع عن الأهداف، التي يقاتل التنظيم لأجلها، في وقت «تحزبت» فيه دول العالم ضد «داعش»، الذي «يعيش أوقاتاً عصيبة»، وفق ما أعلنه المتحدث باسم الحركة، شاهد الله شاهد.
وليست «طالبان ــ باكستان» هي الجماعة الجهادية الوحيدة، التي أعلنت تأييدها لـ«داعش» في باكستان، إذ كانت «جماعة الأحرار»، التي يتزعمها قاسم عمر خراساني، سباقة إلى ذلك بعد إعلانها الانشقاق عن «طالبان» نفسها، نهاية شهر آب الماضي.
تنشط الحركات «الجهادية» مرة أخرى بالتزامن مع النشاط الأمريكي، بهدف خلق ذرائع التدخل الأمريكي في المنطقة. الحركات الجهادية بدأت تقفز في وجهنا فجأة لتعلن مساندتها لـ«الدولة».