انتصار المقاومة وهزيمة المحتل!
أتى العدوان الصهيوني الفاشي الأخير على الشعب الفلسطيني في غزة، في ظلّ تعمق الأزمة الرأسمالية العالمية وبالتالي استمرار تراجع دور المركز الإمبريالي الأهم أي الولايات المتحدة الأمريكية على شتى الصعد اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وفي ظل تغير موازين القوى الدولية.
تحاول الولايات المتحدة الخروج من أزمتها عبر إشعال حروب إقليمية وأهلية بهدف استعادة السيطرة، عبر حلفائها الإقليميين من الرجعية العربية والصهيونية، وأدواتها الفاشية التكفيرية.
مزاج سياسي وجماهيري عالمي ضد الصهيونية
لقد لقي العدوان الصهيوني الفاشي إدانة ورفضاً من قبل شعوب العالم، والعديد من الدول وخاصةً أمريكا الجنوبية حيث يشكل اليسار والشيوعيون القوّة الرئيسية فيها، وتجلى ذلك في المظاهرات العارمة المنددة والرافضة، وسحب وطرد سفراء الكيان الصهيوني، وقطع العلاقات واعتباره كياناً إرهابياً، وإجبار العديد من قادة أوربا وحتى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدائر في فلكهم، بالإقرار بوحشية العدوان، وهو ماينم عن تحول نوعي في المزاج الجماهيري مبني على التحولات الجديدة في الميزان الدولي.
رغم كل ذلك فأن مواقف العديد من الدول العربية والقوى السياسية، لم ترق إلى مستوى الحدث أو مستوى تلك الدول، فأمام الصمود البطولي للمقاومة الفلسطينية، وتلاحم الشعب الفلسطيني ككل معها، سواء في الأراضي المحتلة عام 1948 أم في الضفة الغربية، اكتفت الأنظمة العربية بالإدانات اللفظية. اللهم إلا من استخدم أسلوب المزايدات اللفظية محاولاً اختزال المقاومة الشعبية في غزة بحركة حماس ومختزلاً حماس بالإخوان المسلمين كي ينعش مشاريعه المتهاوية. كما خرجت بعض الأصوات الناشزة التي شككت بالمقاومة وحملتها مسؤولية العدوان باعتمادها المقاومة المسلحة..!
رعاة الفاشية الجديدة
لقد أعادت هذه الأصوات التي ترعاها قناة العربية الممولة سعودياً سمفونية الملك عبدالله إبان نصر المقاومة اللبنانية على الصهاينة في حرب تموز 2006، حيث اعتبر هذا المنبر صمود المقاومة “هزيمةً” وليس انتصاراً، بانية أكاذيبها على عدد الشهداء الكبير الذي وصل إلى حوالي 1900 شهيد، وعدد الجرحى والمصابين الذي تجاوز 11 ألف مصاب وعلى حجم الدمار الكبير الذي أصاب الأملاك العامة والخاصة والبنية التحتية الخدمية، وهم بذلك يحملون المقاومة ورفضها للتهدئة مسؤولية العدوان الصهيوني واستمراريته، متجاهلين أهداف العدوان وتوقيته المبنية على الهجمة الفاشية الأمريكية على كل المنطقة. كيف لا وهم أبرز رعاة هذه الفاشية في سورية والعراق ولبنان وليبيا.
انتصار وليس هزيمةً..!
إن صمود المقاومة وانتصارها في الظروف التي تشهدها المنطقة والعالم يتجلّى في عدة أمور أهمها:
أعادت قضية الشعب الفلسطيني وضرورة حلها بإقامة دولته على كامل أرضه وحقه بالعودة، إلى واجهة الأحداث العربية والإقليمية والعالمية.
ساهم ذلك في إعادة توجيه الصراع في المنطقة للاصطفاف على أساسٍ وطني وطبقي وإنساني وليس دينياً أو قومياً وغيرها من الثنائيات الوهمية.
إنّ خيار المقاومة بأشكاله المتعددة ووحدتها، وتلاحم الشعوب معها، هو الخيار الأساس لحل قضايا الشعوب، كما سقطت إمكانية إسقاط المقاومة بالقوة مهما بلغت وحشيتها، أو حتى سحب سلاحها.
استمرار المقاومة الفلسطينية، وانتقالها من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، كما المقاومة اللبنانية، بإمطار العدو الصهيوني بالصواريخ، وتكبيده خسائر سياسية واقتصادية واجتماعية وبشرية لم يكن يتوقعها.
مطالب المقاومة بإنهاء الحصار الصهيوني لغزة وفتح المعابر وإطلاق سراح الأسرى، محقّة ولا مفر من تحقيقها، وأجبرت العدو الصهيوني لطلب المساعدة وتوقيف الحرب، والرضوخ لذلك رغم كل الكذب والادعاء بأنه حقق أهدافه.
إن رد المقاومة للعدوان الصهيوني أجهض جزءاً هاماً من الحملة الفاشية التي تقودها الولايات المتحدة على المنطقة مما يعني أن إنجازات المقاومة لها أبعاد دولية واستراتيجية ينبغي استثمارها من قبل كل القوى المناهضة للإمبريالية الغربية وفي ذلك إعادة للكرة بشكلها الملتهب إلى الساحة الأمريكية-الصهيونية، ناهيك عن أن أهم الثمرات هي التأثير بشكل هام على مستقبل الكيان الصهيوني ودوره في المنطقة .