أوباما و«إسرائيل» واستسلام الليبرالية
لقد مضى علينا الآن حوالي سبع سنوات تقريباً، ونحن بانتظار كشف المسار المخفي والعميق في قلب الرئيس باراك أوباما. إلا أن ضربة تلو الأخرى من الطائرات بدون طيار، وطفلاً ميتاً يكوَّم فوق الآخر، مع اختفاء أي بارقة أمل تشير إلى احتمالية أن يقوم أوباما بوضع حدود، أو قيود، على التطرف في الولايات المتحدة الأمريكية.
أوباما لم يرفض فقط أن يغير السياسة الخارجية الدموية لأسلافه، بل تعهد بالمضي قدماً بمزاياها الأكثر تطرفاً. وليست قضية فلسطين و«إسرائيل» إلا الإثبات الأكبر على صحة ذلك.
الأمريكي: التزام كامل بدعم الكيان
لقد شكلت هذه الحقيقة نوعاً من المفاجأة للعديدين الذين وضعوا آمالهم العريضة في أول رئيس أسود لبلادنا، وهو الرجل الذي كان مؤمناً، في وقت مضى، من مسيرته بأن للفلسطينيين الحق ليس فقط بمجرد الوجود، بل كذلك بالإقامة على أرضهم. ومع ذلك، فمع مرور الوقت قام الرئيس أوباما بوضع العراقيل عندما كان المجتمع الدولي جاهزاً لإعلان دولة فلسطينية على حدود الـ67، كما فعل في مجلس الأمن في الأمم المتحدة عام 2011، ومرة أخرى عندما صوتت الولايات المتحدة على قرار الأمم المتحدة الذي كان من الممكن أن يدين بناء المستعمرات «الإسرائيلية» غير الشرعية. الآن، وبينما تسقط القنابل على الفلسطينيين الأبرياء، يعيد أوباما التأكيد على دور الولايات المتحدة في الدفاع عن «إسرائيل» .
الأسبوع الماضي، في افتتاحية «هآرتس»، وهي الصحيفة الصهيونية الأقدم، كتب أوباما بأنه بينما تفرض القيود على كلا طرفي الصراع، فإن الولايات المتحدة مستمرة بتقديم المساعدة لدفاعات «إسرائيل»، وبشكل غير مشروط. وحين ظهرت «مبادرة أوباما للسلام» كانت «إسرائيل» والولايات المتحدة ماضين للعمل بجد خلف الكواليس لمنع مجلس الأمن الدولي من إدانة الضربات الجوية الإسرائيلية.
لقد كتب أوباما في «هآرتس»: «كما قلت مرة وأكرر، لا أنا ولا الولايات المتحدة سنتردد يوماً بالتزامنا بأمن «إسرائيل والشعب الإسرائيلي»، و سيبقى دعمنا للسلام دائماً حجر الأساس لذلك الالتزام... الولايات المتحدة تعهدت بتقديم ما يزيد على 3 مليار دولار كل عام للمساعدة بتمويل أمن «إسرائيل» لغاية عام 2018».
أوباما: «الوسيط» المشارك في الحرب
ليس هناك من دولار واحد لديترويت، ولكن هناك المليارات لـ «إسرائيل». وماذا عن حق فلسطين بالأمن والسلام؟ والتي هي بالتأكيد أكثر عرضة للخطر بكثير من «إسرائيل»؟ يحتاج المرء أن يكون خبيراً في أمور الشرق الأوسط ليفهم معنى حياة الفلسطينيين في أرض كالسجن، محاصرة ومحتلة من قبل «إسرائيل». حيث يتم التحكم بالكهرباء والماء وضروريات العناية الصحية من قبل سجانيهم. بالإضافة إلى أن الفلسطينيين يقاتلون ببساطة للبقاء على قيد الحياة. ماذا بخصوص إسرائيل، المسماة «منارة الديمقراطية» (على الرغم من أنها تقتل وترغم الفلسطينيين على مغادرة أرض أجدادهم)، حيث تم إحراق صبي فلسطيني حياً؟
وبالمثل يمكن القول بالنسبة للصواريخ الإسرائيلية المحرمة التي أطلقت على غزة: قصف الجامع، وعدد لا يحصى من البيوت المدمرة، ومئات الجرحى، وتقريباً أكثر من سبعمائة شهيد والعديد منهم كانوا من الأطفال. ومن أجل ماذا؟ كم يلزم المزيد من الحيوات الضائعة قبل أن يطلب أوباما من «إسرائيل» أن توقف عدوانها؟ ربما الأمر الأكثر أهمية كذلك هو متى سيقول الشعب الأمريكي كفى؟
بالتأكيد لقد عرض أوباما أن تكون الولايات المتحدة وسيطاً لوقف إطلاق النار، ولكن كيف يمكن لوقف حقيقي لإطلاق النار أن يتم بوساطة، في حين أن الوسيط يدعم جيش حرب أحد الطرفين على حساب المدنيين من الطرف الآخر؟ إن الأمر كله مهزلة بالطبع. أوباما لا يهتم حقيقة برؤية نهاية للعنف.
نحن نعيش فترة بائسة ومحبطة في الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن بعض نزيهي العقول، والكثيرين الذين يعارضون «إسرائيل» وعدوان الولايات المتحدة الأمريكية، يرفضون أن يخرجوا من قيد «الحزب الديمقراطي» لأن الجمهوريين أكثر وقاحة في عدائهم. إنها تلك المعانقة الجبانة التي تخرج الديمقراطيين من الحلقة (هيلاري كلينتون هي التالية) وتسمح لـ «إسرائيل» أن تقوم بعملياتها وتقتل بدون محاسبة.