مصر: استنفار اقتصادي أولي.. فهل يكفي؟
يوماً بعد يوم، تبرز ضرورة التغيير الجذري في المجتمع المصري، كشرط لازم للنهوض بالدولة المصرية ولاستعادة مصر دورها ووزنها الإقليميين، فهل ما اتخذ، حتى الآن، من إجراءات اقتصادية - اجتماعية وسياسية كافية للاطمئنان أن مصر في طريقها الصحيح؟
يطبل الإعلام عن حسن نية أو عن سوء نية لإظهار أن ما يحدث هو أعلى أشكال الاستنفار والتغيير في المنظومة، فالهدف عند بعض الإعلام المرتبط برأس المال المصري إظهار ما يجري على أنه تغيير جذري للنظام، كي لا تضغط الناس أكثر وتدفع منظومة الرأسمال نحو مزيد من التغيير. أما الحقيقة فإن ما يحدث في مصر استنفار محدود، رغم أهمية العديد من جوانبه، لكنه غير كاف كإجراء للنهوض بمصر حتى الآن.
سياسات مصر.. تحت سقف المعونات؟
لم يقبل السيسي موازنة العام 2014، لما تضمنته من رقم عالٍ للعجز بلغ 240 مليار جنية مصري، وهو ما نسبته 12% من إجمالي الناتج، ليطلب تخفيض العجز من خلال سياسات تقشفية. حيث قرر رفع جزئي للدعم عن المحروقات بنسبة 40% وهذا الإجراء استمرار لتركات النظام الاقتصادي السابق المستمر حتى اللحظة، ويدخل ضمن التنازلات لرأس المال الخليجي والمصري الذي ما زال يرسل إشارات للرئاسة المصرية. منها تقرير لـ «رويترز» عن حالة النشاط الاقتصادي المصري تقول فيه إن مصر تدرس مقترحات شركتين أمريكيتين متخصصتين بعمليات ما يسمى الإصلاح الاقتصادي، أي الخصخصة، وهما شركتا «لازاد» و«سترايتجي أند» حيث تسعى دول الخليج لضمان طريقة صرف المعونات بهذه الطريقة، وهذا ما يتناقض تماماً مع أهداف الرئيس المصري برفع وزيادة دور الدولة الاقتصادي الاجتماعي. كما تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية عن عزم مصر الاستعانة بمكتب «طوني بلير» للاستشارات الاقتصادية الأمر الذي نفاه مكتب «طوني بلير» رسمياً.
الغاز المصري إلى الواجهة
هذا وتحدثت جهات إعلامية مصرية وعربية عن قيام مصر بالتوقيع على اتفاقية لاستيراد الغاز من «إسرائيل»، وتبين لاحقاً:»أن «إسرائيل» وقعت اتفاقاً أولياً مع مجموعة بي.جي البريطانية للنفط والغاز للتفاوض على اتفاق لتصدير الغاز إلى محطة التسييل التابعة للشركة في إدكو بمصر»، ورغم أن النص لا يشير لعلاقة مباشرة للحكومة المصرية بالاتفاق، إلا أن الخبر أثار بلبلة واسعة في الصحافة المصرية وهو مالم تعلق عليه الحكومة المصرية حتى اللحظة. وحملت الزيارة الأولى للرئيس السيسي إلى الجزائر صفقةً للغاز من أجل تعويض النقص الداخلي المصري، ورغم أن هذا التوجه يعد توجهاً استراتيجياً إيجابياً إلا أنه أعاد للواجهة قضية بيع مصر الغاز إلى «إسرائيل» وبأسعار مخفضة. في سياق موازٍ نجد العديد من الخطوات الإيجابية التي تقوم بها مصر، حيث جاء فرض ضريبة على البورصة أي ضريبة على رأس المال بمعدل 15%، كما تم رفع الأجور بنسبة 10%، كما أن إجراء رفع الدعم عن أسعار الطاقة والكهرباء استهدف الشرائح العليا مبقياً الدعم على الشرائح الأفقر.
وبين هذا وذاك ندخل في تساؤل: ألا يعني هذا الاستنفار الإعلامي على الجبهة الاقتصادية أن الوضع الاقتصاي بات حجر زاوية التغيير؟ وعلى ذلك إلى متى ستقبل مصر شروط المعونة الخليجية هذه المرة؟ وما هو حجم خطوات التغيير الاقتصادية المطلوبة حالياً؟
إلى الجزائر بوابة إفريقيا
في الجانب الأمني لزيارة السيسي للجزائر، فيتجلى في الموضوع الأمني الناشئ عن غزو ليبيا، وهي القضية المشتركة بين البلدين، حيث خطر التنظيمات التكفيرية بات عامل قلق على الدولتين. ويعمل السيسي حالياً على تغيير طريقة تعامل مصر مع إفريقيا، فبدأ محادثات مع إثيوبيا حول قضية مياه النيل، بعيداً عن أسلوب القطيعة الذي كان يتبعة مبارك ومن بعده مرسي والذي عزز تواجد «إسرائيل» في إفريقيا.
إن الاجراءات التي تتخذها الدولة المصرية حالياً بعضها الإيجابي واللازم لا يكفي في حقيقة الأمر لبناء دولة قوية. بل المطلوب هو كما ورد من الحراك الشعبي الذي طالب الرئيس بفتح ملفات الفساد الكبرى حول قضايا الخصخصة طوال الأربعين عاماً الماضية، أي فتح المعركة مع الفساد الكبير.