محافظو البنوك المركزية العالمية: قلق من الفقاعات ولوم للأسواق
حذرت منظمة تمثل المصارف المركزية الأساسية حول العالم من أن «فقاعات أصول» جديدة خطرة كانت تتشكل حتى قبل أن ينهي الاقتصاد العالمي تعافيه من جولة الفائض المالي الأخيرة.
فقد ذكر «مصرف التسويات الدولية BIS»*، في تقريره السنوي الصادر مؤخراً، أن المستثمرين، المستميتين على تحصيل العوائد أثناء وصول معدل الفائدة الرسمية إلى أدنى مستوياته، كانوا يعملون على رفع أسعار الأسهم والأصول الأخرى دون الالتفات إلى عواقب هذه الإجراءات. وصرح جيمي كاروانا، المدير العام لـ «BIS»، في اجتماع المنظمة السنوي «التعافي من الأزمة المالية التي بدأت عام 2007 قد يستغرق عدة سنوات أخرى»، مضيفاً «قد يكون هذا التعافي بطيئاً في أوروبا، بشكل خاص، لأن معدلات الدين لا تزال مرتفعة، إضافة إلى سوء توزيع الموارد على نطاق واسع خلال فترة الازدهار، ونقل هذه الموارد إلى استخدامات جديدة أكثر إنتاجية سيتطلب وقتاً».
التسويات يدق ناقوس الخطر
غالباً ما تستخدم المنظمة «مصرف التسويات الدولية»، التي تعكس الرأي السائد لدى محافظي المصارف المركزية الذين يتحملون عبئاً إضافياً في عملية إصلاح الاقتصاد العالمي، تقاريرها السنوية لبعث رسالة إلى القادة السياسيين والمصرفيين والمستثمرين التجاريين. لكن اللافت أن لهجة مصرف التسويات الدولية في هذا العام كانت مباشرة بشكل غير مسبوق، كما كان تحذيرها من أن العالم قد يتجه بسرعة نحو أزمة جديدة.
وفي هذا السياق، يقول كلاوديو بوريو رئيس القسم المالي - الاقتصادي في «BIS» «هناك رؤية مسبقة محبطة في كل ما يحدث»، ووصف تقرير مصرف «BIS» بأنه «دعوة للتحرك».
تخبط مالي
وقالت المنظمة أن على الحكومات أن تبذل خطوات إضافية لتحسين أداء اقتصاداتها، كتخفيف القيود على التوظيف والإقالة. كما أشار التقرير على المصارف بزيادة رأس المال كتحذير في وجه المخاطرة وتسريع الجهود لمعالجة المشاكل السابقة، وبأن على الدول التي تنمو بسرعة، كبعض الأسواق الناشئة أن تحذر خطر الإنهاك. وفي هذا الإطار، نوّه السيد بوريو إلى أن «هناك إشارات إلى الاختلال المالي، ولذلك فنحن نؤكد على أهمية بذل جهود إضافية طالما نمتلك الوقت اللازم».
هذا، وقد ورد في التقرير المذكور أن «معدلات الدين في العديد من الأسواق الناشئة وفي سويسرا تخطت العتبة التي تنذر بحدوث مشاكل». ورغم هذا، فإن المستثمرين لا يبدون أي علامة على ارتداعهم. فعلى سبيل المثال، قام المستثمرون هذا الشهر باقتناص ما قيمته 1.5 مليار دولار من السندات التي باعتها حكومة كينيا. وقد دفع الدين بسعر فائدة بلغ 6.875%، وهو منخفض جداً بالنسبة إلى بلد يعاني مشاكل اقتصادية عميقة ويشهد تفجيرات إرهابية.
تباطؤ الإنتاجية
وجهت المنظمة توبيخاً قاسياً للشركات التي لم تستفد من ازدهار أسواق الأسهم لتحسين الاستثمار. وفقاً لمصرف «BIS»، كان هذا الأمر أحد أسباب تباطؤ مردود الإنتاجية - أساس نمو الاقتصاد المستدام- والذي شهدته معظم الاقتصادات المتطورة، حيث بقيت الاستثمارات ضعيفة رغم النشوة التي شهدتها أسواق الأسهم. فبدلاً من زيادة قدرة الإنتاجية، فضلت الشركات الكبرى إعادة شراء الحصص أو الانخراط في عمليات الاندماج والاستحواذ.
بشكل عام، كشفت رسالة محافظي المصارف أن العالم ثملٌ بالمال السهل وأنه نسي دروس السنوات الماضية، وأن الإغراء بتأجيل التعديل والتسوية أثبت أنه لا يقاوم، خاصة عندما تكون الأوضاع جيدة، وعندما ينثر الازدهار غبار الثراء الوهمي الساحر. وأكد التقرير على أن النتيجة هي نموذج من النمو الذي يعتمد بشكل كبير على الديون العامة والخاصة، والذي يزرع مع الوقت بذور زواله.
هوامش :
* يقدم «مصرف التسويات الدولية» خدمات مالية للمصارف المركزية الوطنية، كما يعمل كمركز تستعمله المصارف المركزية لمناقشة السياسة المالية وقضايا أخرى كالاستقرار المالي والتنظيم المصرفي. ويضم في مجلس إدارته كل من جانيت إل يالين رئيسة المجلس الاحتياطي الفيدرالي، وماريو دراغي رئيس المصرف المركزي الأوروبي، إضافة إلى محافظي المصارف المركزية في اليابان والصين والهند والعديد من البلدان الأخرى.
(عن صحيفة «نيويورك تايمز»).