«فدرلة» اليمن: حل أم تعقيد؟
توجهت القوى السياسية المستجدة في اليمن نحو حوارٍ وطني شامل، حيث كان لانعكاسات التغير في الميزان الدولي على الأوزان الداخلية لتلك القوى دور بارز في هذا التوجه، المدفوع بقوة ضغط الشارع اليمني المطالب بالتغيير.
اتفقت هذه القوى على سيناريو آخر لليمن، البلد القريب جغرافياً من دولٍ لها نفوذ متفاوت إقليمياً، كإيران والسعودية وقطر. الدول التي لربما اتفقت على الذهاب نحو تقاسم النفوذ في اليمن، بدلاً من خوض الصراع فيها، مما يجنبها تبعات ارتداد التصعيد العسكري في اليمن عليها.
انعقد المؤتمر الوطني للحوار، الذي حضرته أغلب القوى السياسية: الممثلين عن الحوثيين «أنصار الله- الجناح السياسي لدى الحوثيين»، وممثلين عن الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال. وكلا الفريقين يحظيان بدعمٍ إيراني.
هذا، وتتنافس قطر مع إيران لدعم الحراك الجنوبي، من خلال منحة مالية مقدارها 350 مليون دولار كـ «مساعدات» للجنوب، تم تسليمها لآل الأحمر، قيادات «الإخوان» في اليمن. وتحسنت علاقة قطر مع الحوثيين في الفترة الماضية، بسبب قتال الحوثيين للسلفيين بالشمال.
ولكي لا ينفجر اليمن بأصحابه، خرج الحوار الوطني ليقدم خلاصة ضمن ما سمي بمخرجات الحوار الوطني: الفيدرالية للدولة، التي سيصبح اسمها «دولة اليمن الاتحادية»، حيث هناك إقليمان بالجنوب وأربعة بالشمال، لكلِّ إقليم سلطاته الخاصة به، تضاف إليها إمكانية تغيير النظام من رئاسي إلى برلماني. والحديث عن مبادئ عليا للدستور وتعديلات في شكل توزيع الثروة، لكن ليس بين فقراء اليمن وأغنيائه، بل بين الإقليم والمراكز.
وبهذا التوافق بين القوى المحلية، ورغم استمرار الخلافات مثل تدخل قطر لفرض محسن الأحمر نائباً للرئيس هادي منصور، أو الحرب بين الحوثين وآل الأحمر أو حتى استعصاء الحراك الجنوبي، ومطالبته بالانفصال، وانفصال جنوب اليمن، ليست سوى رفع سقف للتفاوض بين القوى الإقليمية التي يبدو أنها رست في النهاية على أوزانها الحقيقية باليمن، ليخرج تنظيم «القاعدة» في الجنوب بلا امتيازات، وتعلن الحرب على الدولة، من خلال تنفيذها لعمليات ضد وزارة الدفاع في صنعاء، ومدن أخرى
لم يكن الجيش وحيداً في الرد على هذه العمليات، فأمريكا أيضاً تدخلت من خلال طياراتها بدون طيار لقصف مواقع «القاعدة» من أجل تثبيت الاتفاق القائم وترسيخه.
تبدو الفيدرالية «متنفساً» سياسياً لليمن في ظل الموازين الدولية المعقدة، لكن هل هي الحل؟ أم أنها ستكون فخ بسبب أن هذه الموازين متحركة، ومع كل حركة يجب إعادة صياغة الأوزان بالداخل، مما يؤدي بالنهاية لحرب مستمرة ما دامت التغيرات مستمرة، كما يحصل في العراق اليوم. ويبدو أن الأوضاع تتجه أكثر نحو التعقيد فأمريكا تترك الوضع معلقاً في الهواء إلى أن يأتي الوقت فتحتاج لتفجيره حتى بحلفائها!