البرامج الانتخابية للرئاسة المصرية: الأولوية للاقتصاد
يرتكز برنامج عبد الفتاح السيسي على الناحية الاقتصادية- الاجتماعية، كأولوية، إلى جانب قضية تثبيت الأمن الداخلي لمصر في مواجهة التطرف. ويشاطره في العموم مرشح «التيار الشعبي»، حمدين صباحي، في الخطوط العامة للحالة المصرية اليوم.
ذلك الإجماع الذي يعكس، إلى حد كبير، نبض الشارع المصري في مطالبه التي يستكمل النضال من أجلها، بعد الموجة الثانية من الحالة الثورية, مما يشير إلى إجبار القوى المصرية، بما فيها الجيش بمرشحه السيسي, باعتبارها التنظيم الأكثر تماسكاً وقدرةً على التأثير, إلى ملاقاة تطلعات المصريين بالمضمون قبل الخوض في نقاش البرامج الانتخابية
الدولة في قلب المعركة
يظهر السيسي في حملته الانتخابية كرجل الدولة القوي, في بلد مركزية يلعب فيها جهاز الدولة دوراً أساسياً في تنظيم علاقات الإنتاج , الدور الذي جيَّر لمصلحة البرجوازية المصرية، منذ حقبة السادات مروراً بحكم «الحزب الوطني»، وصولاً إلى «الإخوان المسلمين» في العام المنصرم. تلك العودة للحديث عن دور قوي للدولة يشير إلى وصول التناقضات في الداخل المصري إلى الحد الذي أصبح من الممكن فيه لمصر أن تفقد صفتها كـ«دولة» في حال استمرار غياب المركزية، وسيادة سياسات اللبرلة الاقتصادية والاعتماد على المعونات الأمريكية لحل المشاكل الداخلية..
لا يخفى على الشارع المصري دور الجيش في دفع السيسي إلى منصب الرئاسة, لكن وضع أحد ممثلي المؤسسة العسكرية بالزي المدني في واجهة الحياة السياسية المصرية, أصبح سجالاً يكتسب الطابع الليبرالي, على شكل ثنائية وهمية «عسكري – مدني» توضع أمام الشارع المصري لذر الرماد في العيون، التي يهمها بالمضمون البرنامج الانتخابي، بغض النظر عن المتقدم. كما يضع الجيش المصري، ومن ورائه جهاز الدولة الذي مازال يعاني مشاكل بنية النظام السابق, في مواجهة التحديات المتراكمة للمجتمع المصري على كافة الأصعدة, فهل ينجح الجيش ومن خلفه مؤسسات الدولة المصرية في تحمل ذلك العبء, وما هي مآلات الحالة المصرية، في حال عدم قدرتها على استعادة وتثبيت المكامن الأساسية للثروات المصرية في يد أمينة على الشعب المصري؟
نظرة على البرنامج
«علينا الاعتراف بأن الوضع الاقتصادي في مصر صعب منذ فترة طويلة، سبقت ما ترتب على السنوات الثلاث الماضية, فالمصريون يتطلعون إلى حياة أكثر استقراراً من الواقع الحالي, والحديث هنا عن (50%) من الشعب المصري يعانون من الفقر والبطالة». هكذا يشخص السيسي نظرته العامة للحالة الاقتصادية المصرية، منطلقاً منها في وضع الحلول، التي استعرضها في لقاء مع وكالة «رويترز» للأنباء بالقول: «علينا ضبط الحد الأعلى والأدنى للأجور, فالحد الأدنى للأجور في مصر ضئيل جداً، وغير قادر على تحقيق مستوى اجتماعي مناسب». كما ركّز على موضوع الدعم الحكومي وتوزيعه: «نحن لا نستطيع الضغط أكثر على الفقراء, والأغنياء اليوم ينالون من الدعم أكثر من ما يناله الفقراء، فيجب توزيعه بطريقة أكثر عدالة. المواطن المصري هو الوحيد الذي لا يستفيد من الدعم بشكل جيد».
وفي إطار العرض، يتطرق السيسي إلى موضوع المساعدات الخارجية، ويدعو الدول الصديقة إلى دعم الاقتصاد المصري، حتى تخرج مصر من دائرة الفقر الذي تعاني منه، مع إشارات واضحة إلى أن المساعدات ليست قدراً محتوماً على الشعب المصري، بل إن مصر تسعى إلى التخلي عنها في أقرب وقت ممكن.