هل تخرج أوربا من موجة كراهية الأجانب؟
في مقالة لها نشرها موقع آي بي اس الالكتروني أكدت نائبة رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي إيما بونينو أن أوربا، من الدول الاسكندنافية إلى البحر المتوسط، تجتاز مرحلة من التغييرات الاجتماعية والسياسية بعيدة المدى، والتي أصبحت تشكك في مبادئها الأساسية. فقد بدأت أوربا تعيش ميزة التنوع التي كانت دائماً واحدة من ثوابتها الراسخة ومدعياً لإثراء تاريخها، تعيشها الآن كما لو كانت تهديداً لها أو خطراً عليها.
ورأت الكاتبة أن العلامات الدالة على هذا التوجه واضحة ومنظورة على شكل تفشي التعصب، وعدم التسامح، وتعاظم الدعم لأحزاب شعوبية تغذي الكراهية تجاه الأجانب، ووجود متزايد للمهاجرين المحرومين من أدنى الحقوق، وجماعات «موازية» لا تتفاعل مع بقية المجتمع، وقمع للحريات الفردية، وديمقراطيات في أزمة.
وأشارت إلى أنها في مواجهة هذا المشهد المثير للقلق العميق قبلت في تموز الماضي دعوة الأمين العام لمجلس أوربا، ثوربيورن ياغلاند، للانضمام لعضوية مجموعة مصغرة من الشخصيات الأوربية يترأسها وزير خارجية ألمانيا الأسبق يوشكا فيشر، وذلك لإعداد تقرير عن كيفية الجمع بين الحرية والتنوع باعتبارهما من أهم مفاهيم الهوية الأوربية في القرن الحادي والعشرين.
وأضافت أنهم توصلوا إلى سلسلة من النتائج في تقرير أصدروه في 11 أيار، شددنا فيه على حتمية إبدال مثل هذه الموجة الشعوبية، والسعي في المقابل لفتح الطريق أمام أوربا أكثر قوة وثقة وإدماجاً للتنوع.
وتساءلت: إذا جاز التحدث عن أمريكي من أصل أفريقي أو أمريكي من أصل إيطالي، فهل يمكننا إذن أن نتخيل أوربي تليه عبارة «من أصل..» كإنجليزي من أصل آسيوي أو إيطالي من أصل أفريقي أو أوربي من أصل متوسطي؟
ووجدت الكاتبة أن الواقع «هو أننا نؤمن بأنه من الممكن تحقيق هذا النوع من أوربا لجميع أولئك الذين يستقرون علي أراضيها والقبول بهم كمواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والثقافة والعرقية. وبالتالي، شأنهم في ذلك شأن سائر المواطنين في الديمقراطية، ينبغي أن يكونوا قادرين على المشاركة في صياغة القوانين، فلا توجد أية ثقافة يمكن استخدامها كذريعة لخرق هذه القوانين».
واقترح التقرير، حسب بونينو، نوعاً من «دليل التنوع» يحتوي على 17 من المبادئ التوجيهية للحكومات والمشرعين والناشطين، حيث يتعلق الأمر في الأساس، بوجوب التوافق في الآراء بشأن الحقيقة القاضية بأن القانون ينطبق على الجميع، مع إتاحة الظروف للجميع لفهم القوانين وكيفية تغييرها، وأن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة لضمان تكافؤ الفرص لأفراد المجتمعات المهمشة.
وأضافت أنه يجب الدفاع عن حرية التعبير دائماً وعدم تقييدها بذريعة الاسترضاء. وفي الوقت نفسه، لا يجوز التقليل من تأثير التصريحات العلنية التي تغذي الأحكام المسبقة ضد الأقليات والمهاجرين، حيث ينبغي أيضاً تصحيح الصورة النمطية عن المهاجرين وتقديم صورة أكثر واقعية لاحتياجات العمالة، ذلك أن التوقعات الديموغرافية تشير إلى «أننا سنكون أقل عدداً وأكبر سناً. فتقدر المفوضية الأوربية أن عدد السكان القادرين على العمل في السنوات الـ50 المقبلة في الدول الـ27 الأعضاء في الإتحاد الأوربي، سوف ينخفض بمقدار 100 مليون على الرغم من الزيادة المطردة في عدد السكان خلال تلك الفترة».
وأوضحت السياسية الإيطالية أن التقرير يشدد على أن أكبر فضيحة مشينة نواجهها هي المعاملة التي تقاسي منها جماعة الغجر التي تعد أكبر أقلية في أوربا ويقدر عددها بما بين 10 و12 مليون نسمة. وهم خلافاً لغيرهم من الأقليات ليسوا وافدين جدداً على أوربا، فتحظي غالبيتهم العظمى على مواطنة الدول الأوربية، وهم يتميزون عن بقية السكان أساساً بسبب إقصائهم الاجتماعي حيث يقع متوسط دخلهم ومستوى تعليمهم توظيفهم في أسفل السلم الاجتماعي الأوربي، ولا توجد أي مجموعة أخرى تقع ضحية لمثل هذا التمييز، الذي يتناقض مع ما نحب أن نسميه «قيمنا»...!