اليمن باتجاه معركة جديدة

اليمن باتجاه معركة جديدة

يزداد الوضع في اليمن تعقيداً مع طرح الرئيس عبد ربه منصور مشروع الحوار مع المعارضة اليمنية في 18 آذار الحالي، إثر عقد مجموعة أصدقاء اليمن التي أطلقها مجلس التعاون الخليجي، في لندن مؤتمراً طرح مشروعاً للمصالحة الوطنية في اليمن والذي قامت الحكومة اليمنية بالدعوة له فوراً.

المبادرة والتكتيك الدولي الجديد

لاقت مبادرة الحكومة اليمنية الدعم الكامل من المجتمع الدولي وقد شاركت فيه أطراف عديدة من المعارضة على أمل إنهاء حالة الصراع الدائر والتحول نحو العملية السياسية في حل الأزمة اليمنية، ويشير طرح المبادرة من طرف الحكومة ليس فقط إلى حاجة دول مجلس التعاون إلى الإلتفاف على حراك اليمن من جديد بل وإلى ضعفها وضعف الأداء الحكومي سياسياً في البلاد، وعدم قدرته على تحقيق الهدف الذي رسمه مجلس التعاون الخليجي وبالتالي تم تغيير التكتيك في التعامل مع الحراك اليمني، من محاولة إفشاله عبر ربطه بالقوى الإسلامية المتطرفة وجعل اليمن ساحة قتال عبر إدخال تنظيم القاعدة كطرف في الصراع بين النظام والمعارضة اليمنية،(والجميع يعلم مدى غنى الشارع اليمني بالحراك السياسي) إلى الإنتقال إلى الحوار مع جميع أطراف المعارضة.

المعارضة بين الإنفصال والحوار

قاطعت أحزاب كثيرة هذه المبادرة، وأعلنت العصيان المدني الشامل في عدن والمكلا وغيرها من محافظات ومدن البلاد وتم إغلاق المحال والمؤسسات وقامت قوى من اتحاد  الجنوب بالمطالبة باستقلال الجنوب عن الشمال. وبالرغم من محاولات الحكومة من التقليل من شأن هذه المقاطعة، إلا أن رد الفعل هذا له دلالات واضحة، حيث يُظهر رفض أطياف المعارضة لسياسة الدفع من الخلف التي يمارسها مجلس التعاون الخليجي ومن ورائه أمريكا لحكومة عبد ربه، ويُبين عدم ثقة المعارضة بأي مشروع تطرحه الحكومة حتى لو كان هذا المشروع يصب في مصلحتها، إلا أن الطروحات الإنفصالية التي تتقدم بها أحزاب الجنوب يضعها في موقف غير مسؤول بخصوص سيادة الأراضي اليمنية أمام الشعب اليمني.

لقد رمت الحكومة اليمنية الكرة في ملعب المعارضة، فكان له الأثر في إظهار موقفين الأول هو تشكل استنتاجات قد تكون صحيحة أو غير صحيحة حول بنية المعارضة وعدم تجانسها أو تواجد جهات متطرفة فيها تدعو للانقسام، والثاني هو توافق المجتمع الدولي لدعم الحكومة ضد المعارضة وخصوصاً بعد دعم كل من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا لهذه المبادرة.

الحوار تراجع وتقدم من؟  

يرى البعض في  التسوية السياسية عبر الحوار المدعومة خليجياً ودولياً محاولة لتطويق ثورة اليمن لمنعها من الوصول إلى نهاياتها الجذرية في التغيير، إلا أن هذه الخطوة توحي أيضاً بالمأزق السياسي الذي ينتاب دول الخليج وأسيادهم وأدواتهم في اليمن، فذهاب قوى النظام السابق إلى الحوار كان من موقع المرغم وناتجاً عن فراغ جعبتهم في مواجهة الشارع المنتفض، وعليه تصبح المسؤولية أكبر على عاتق المعارضة  في إدراك معطيات الواقع والتقاط لحظة التراجع عند النظام ومن خلفها، ووضع برنامج اقتصادي اجتماعي سياسي ليشكل قاعدة تنطلق منها في الحوار، وتوحيد الخطوط العامة بين أطرافها. إن الوضع الأمني والإقتصادي  في اليمن يتطلب من جميع الأطراف الذهاب للحوار أياً كانت الجهة التي تتبناه بهدف رسم طريق للوصول إلى حل لاحق للأزمة اليمنية وهو أمر بالنسبة للمعارضة قد يكون أصعب من العمل في الشارع اليمني بسبب المسؤولية التاريخية التي ستواجهها، إلا أنه بات ضرورة ملحة يجب الخوض فيها لمنع الأسوأ وهو تقسيم اليمن.