اليمن... لعنة القاعدة والدول المانحة في مواجهة التغيير

اليمن... لعنة القاعدة والدول المانحة في مواجهة التغيير

تعيش المنطقة الإقليمة هذه الأيام حالة حراك شعبي وثوري عارم وقد وضعت نصب أعينها حل مشاكل مجتمعاتها المتراكمة عبر سنوات العمالة والدكتاتورية والفقر.

يعتبر اليمن على رأس هذه الدول التي تراكمت لديها مجموعة كبيرة من هذه المشاكل والتعقيدات، والمشكلة اليمنية في عمقها ليست إلا تعبيراً عن ترابط عضوي بين قضيتين ومشكلتين أساسيتين هما (الأمن والتنمية) فالمشكلتان مرتبطان ببعضهما عضوياً بحيث أن فقدان أحدهما يعني ضمنا فقدان الأخرى أي أن أي تدخل خارجي سلبي لضرب أسس التنمية أو الأمن ما هو إلا تشكيل الواقع الموضوعي الملائم لتفتيت الدولة اليمنية ووضعها تحت الوصاية الخارجية بهدف تحقيق المشروع الدولي الأمريكي الغربي مشروع الشرق الأوسط الكبير (تفتيت المفتت وتقسيم المقسم) والذي على مايبدو أنه كان مشروع ضربة استباقية  لأي نهوض ثوري في المنطقة.

مشكلة التنمية في اليمن

 يبلغ عدد سكان اليمن 24،255 مليون نسمة وهي بحسب البنك الدولي من الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض وتبلغ حصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي السنوي2470 دولار للشخص الواحد، فيما يقدر الباحث أحمد حجر وكيل وزارة المالية أن عجز الموازنة سيصل في هذا العام 2012 حوالي 670مليار ريال يمني أي زيادة بمعدل 136% عن عام 2011.

وبحسب وكالات أنباء يمنية فإن معدلات الفقر تجاوزت 60% والبطالة 50% بسبب الأوضاع السائدة .

البحث عن الموارد: حصل اليمن بعد موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض طارئ في 4 نيسان 2012 قدرة 100 مليون دولار والهدف منة تمويل التسهيل الائتماني السريع ؟؟ وفي السياق نفسه أعلنت الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المانحة لليمن في مؤتمر الرياض للمانحين عن رصد ما يقارب 6،4 مليار دولار كسقف تعهدات مقدمة لليمن تكرس لدعم البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية في اليمن حسب وكالة الأنباء اليمنية سبأ بعد أن تحدثت الحكومة اليمنية عن حاجتها لحوالي 12 مليار دولار.وأوضح رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوا أنه سيضمن استثمار الأموال بالشكل الأمثل وبإشراف المانحين دون أي تدخل من الحكومة اليمنية بهدف ضمان استخدامها على الحاجات الملحة والعاجلة لاستعادة الأوضاع الملائمة لتحقيق النمو الشامل والإنتعاش الاقتصادي.

وفي النظر ملياً بأسماء الجهات والدول المانحة نجد أن الدول الغربية  ومؤسساتها التابعة لها أي التي ترتبط بشكل مباشر بمنظومة الهيمنة الأمريكية هي المانح الرئيسي:

المملكة العربية السعودية ثلاثة مليارات و250 مليون دولار

الولايات المتحدة الأمريكية 846 مليون ومائة الف دولار

البنك الدولي 400 مليون دولار

الاتحاد الأوروبي 215 مليون واربعين الف يورو

الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي 205 ملايين دولار

جمهورية ألمانيا الاتحادية 185 مليون دولار

مملكة هولندا 100 مليون دولار

البنك الاسلامي للتنمية 100 مليون دولار

إيطاليا 41 مليون دولار

منظمة الأوبك 20 مليون دولار وتعهدت برفع المبلغ إلى 70 مليون دولار خلال الفترة الانتقالية

استراليا 11 مليون دولار

سويسرا 8 ملايين دولار

فرنسا 8 ملايين وخمسمائة الف دولار

اسبانيا مليون وخمسمائة الف دولار.

وهنا يتساءل اقتصاديون محليون عن جدوى هذه المنح والقروض على عملية التنمية في ظل الفساد المستشري في الدولة إضافة إلى أن هذه الأموال مشروطة لتنفيذ مشاريع معينة لم يتم الإعلان عنها علماً أن المساعدات نفسها قد تم منحها لعدة دول عانت المشكلة اليمنية نفسها لم يتم الاستفادة منها ولم تجلب لشعوب هذه الدول غير الفقر والنموذج الأوضح  هو العراق حيث لم يتم الإستفادة من المنح الدولية بل على العكس المزيد من البطالة والفقر والفساد والتدهور الأمني .

المشكلة الأمنية في اليمن:

ينشط في اليمن تنظيم القاعدة إضافة إلى مسلحين محليين قبليين يقدر عددهم ب100 ألف مقاتل تسخدمهم الحكومة في حربها على القاعدة في أبين والضالع وسبأ وسياج وتنفذ أمريكا غارات ضد هذا التنظيم منذ فترات طويلة هناك.

وفي تقرير لمنظمة  سياج المنظمة المعنية بحماية الطفولة  في اليمن، طالبت «سياج» بفتح تحقيق عادل وشامل في ملابسات استهداف مواطنين مدنيين بشكل متكرر خلال الحرب على القاعدة وإحالةالمسؤولين عن ذلك إلى القضاء سواء كانوا من القاعدة أو من الجهات الأمنية.

ودعت المنظمة في بيان صادر عنها الحكومة اليمنية إلى تحمل مسؤولياتها إزاء حماية المواطنين وصون السيادة الوطنية معتبرة ما حدث في البيضاء أول أمس الأحد وغيره من الحوادث المشابهة في أبين وشبوة وغيرها من المحافظات في جنوب اليمن جرائم قتل خارج القانون ولا تستند إلى أي مشروعية.

ونقلت «سياج» عن متطوعيها في محافظة البيضاء القول بأن 4 أطفال قتلوا وأصيب آخر في الغارة الجوية التي استهدفت عصر الأحد سيارة هيلوكس غمارتين في منطقة « صرار» التابعة لمديرية «ولد ربيع» بمدينة رداع ، وذلك من أصل 9 قتلى بينهم امرأتان وثلاثة جرحى حالاتهم حرجة.

وأكدت في بيانها على « ضرورة أن تقوم الحكومتان اليمنية والأمريكية بتحمل مسؤولياتهما الإنسانية في وقف مثل هذه الهجمات العشوائية وتعويض أسر الضحايا وعلاج الجرحى وتعويضهم تعويضاً عادلاً يشمل العلاج والرعاية وإعادة التأهيل، و إلزام المؤسسات الأمنية والعسكرية بتجنب استهداف المدنيين». وأضافت في بيانها أن «هذه الطريق لا يمكن إلا أن ينتهجها تجار الحروب وأصحاب المصالح من أرباب الشركات المصنعة للسلاح والمصدرة للإرهاب» ، ودعت المنظمة الشعب الأمريكي وقواه الحية لتقديم مصلحته على مصالح مصاصي الدماء من تجار الحروب ومروجي ثقافة الكراهية وصناعها، والعمل على كف أيديهم عن العبث بمستقبل اليمن من أجل مصالحهم الفردية كما وصفت القوى الحية في المجتمع بأنها مصابة بتبلد الأحاسيس وقالت «لا يبدو عليها أي أثر للحياة» كما اتهمت الحكومة بالتواطؤ البشع مع هذه الجرائم وتمريرها استهانة بدماء اليمنيين وإمعاناً في استفزاز مشاعرهم واستدعاء عقلية الصراع ورغبات الانتقام التي لن يكون أحد في مأمن من عواقبه.

يضاف إلى متلازمة أزمة القاعدة الكود السري للوجود الأمريكي ، المشاكل القبلية  المعقدة حيث أفادت وكالة يمن برس إلى أن مسلحين قبليين قطعوا مساء أمس الطريق العام الذي يربط العاصمة صنعاء بمدينة تعز ومدن يمنية أخرى في منطقة «يسلح» على خلفية مقتل أحد أقاربهم على يد مسلحين ينتمون إلى قبيلة أخرى .

وذكرت المصادر من منطقة يسلح أن المسلحين قاموا بقطع الطريق العام في «نقيل يسلح» ومنعوا السيارات والمركبات من المرور،حيث تم حجز جميع المسافرين من وإلى صنعاء حتى الساعة السابعة مساءً.

وطالب مسلحو منطقة «يسلح» حكومة الوفاق بسرعة التحرك وإلقاء القبض على المسلحين الذين قتلوا أحد أقاربهم وتقديمه إلى المحاكمة.وفي السياق نفسه قال عضو في البرلمان اليمني عن حزب الوحدويين في معرض حديثه عن حلول استراتيجية لأزمة السلاح في اليمن : « أن مشكلة  السلاح لا يكمن مواجهتها بالسلاح وأن قتل الأطفال لا يمكن أن يكون في مواجهة القاعدة،وأن المخرج الوحيد للأزمة اليمنية هي من خلال تعميم نتائج التنمية لتصل لجميع اليمنيين» .

نجد إذاً أن متلازمة «القاعدة -القروض الخارجية» التي تحاول الدول الاستعماريةفرضها في بلدان الأطراف ما هي إلا محاولة في سبيل تكريس حالة من التخلف في وجه بادرات التقدم الثوري الصاعد، فالمستهجن اليوم هو عودة ظاهرة التسلح إلى الواجهة في اليمن بعد أن أصر الشعب اليمني على سلمية حراكه الثوري رغم أن أفراده يملكون حوالي 80 مليون قطعة  سلاح!!