الوضع في البحرين يكشف النفاق الغربي
تخضع قضية البحرين كما غيرها من الأزمات و الثورات التي تشهدها الساحة الإقليمية اليوم لمنطق ( إما له أو عليه ) منطق تكرسه بطريقة أو بأخرى الاصطفافات الحادة الحاصلة أو المتشكلة في طور أفول ميزان عالمي قديم كان قد خضع مباشرة ً لسيطرة الولايات المتحدة وكل من يحذو حذوها، وبروز تحالفات جديدة تحت مسمى التعددية القطبية . يبارك ، هذا التحول من شعوب العالم المستعبدة اقتصاديا ً وسياسيا ً وحتى عسكريا ً بينما تتصدى له بعض الدول ساعية لتسهيل الهيمنة الأمريكية والأوروبية عليه.
إلا أن هذه الفترة تفرض على الشعب البحريني كما على غيره ضريبة لم تكن في حسبانه لدى خروجه للتعبير عن مطالبه الحقة بعد تراكمات من التهميش الاقتصادي والسياسي الذي تعرض له الشعب البحريني كغيره من الشعوب التي أعلنت رفضها لأنظمتها الحاكمة شكلا ً ومضمونا ً ..........
يتجلى الانقسام السطحي المذكور اليوم وبصورة فاقعة بمحاولة البعض _من رواد الثورة المضادة _ الإيحاء بأن القضية البحرينية هي مجرد ورقة وضعت من أيدي خارجية كمعادل لأزمات أخرى تشهدها المنطقة –هذا في أحسن حالاتها – بينما يذهب البعض الآخر إلى وسمه باعتبارات طائفية لا تغدو تصب في مصلحة القوى المضادة لتطور هذا الحراك أو ذاك ، و هنا يبرز دور الإعلام المضاد الذي يعتمد بشكل أو بآخر على ردات فعل غير محسوبة من قبل أي إعلام مضاد له،فتغدو القضية مجرد فعل يقابله رد فعل يناسبه ب «الغباء» ويعاكسه بالاتجاه . تتجلى هذه السجالات الفارغة بشكل واضح بما حصل في خطاب مرسي بمؤتمر عدم الانحياز حيث أكد مرسي» أنه لم يذكر البحرين مطلقاً في حديثه عن الثورات العربية في خطابه وأن المذكور هو سورية « وهذا صحيح ولكن السؤال الملح هنا و الذي يحتاج الإجابة في معرض هذه السجالات ليس لماذا ذكرت سورية بل هو لماذا لم تذكر البحرين؟ .
لا يحتاج مرسي إلى مثل هكذا صك براءة ليقنعنا بأنه لايسير على خطا أسلافه في إتباع أهواء الولايات المتحدة وشقيقاتها )، فالجدير بالذكر في هذا السياق أن هذا التصريح يكرس الانحياز الفاقع لمصلحة النظام البحريني من السلطات المصرية الجديدة، وآخر الأمثلة هو قيام سلطة مطار القاهرة الدولي مساء يوم الأحد 26 آب بمنع الناشطة السياسية البحرينية مريم عبد الهادي الخواجة التى تحمل الجنسية البحرينية من الدخول إلى مصر......
وسط هذه المهاترات الشكلية _منها المقصودة ومنها غير المقصودة _ يستمر الشعب البحريني في الخروج يوما ً بعد يوم للتشديد على جملة من الحقوق السياسية التي تضمن له الحد الأدنى من المشاركة السياسية الفعالة وهذا ما عبر عنه أمين عام جمعية الوفاق البحرينية في مقابلة تلفزيونية له على قناة روسيا اليوم في برنامج «حديث اليوم « من المنامة والذي يرى بأن التعديلات الدستورية التي أجرتها الحكومة هي مجرد تعديلات شكلية وهي تعديل 20 مادة من الدستور البحريني و صرح الأمين العام الشيخ علي سلمان أن: «العشرين مادة التي تم تعديلها في الدستور هي مواد شكلية لا تحل المشكلة السياسية ولا تستجيب للمطالب التي رفعتها الثورة في البحرين منذ 14 فبراير.. الشعب هنا يريد أن يحقق مادة دستورية قديمة في دستور عام 1973 وهو أن الشعب مصدر السلطات، بمعنى أن ينتخب حكومته وأن يكون لديه مجلس منتخب كامل الصلاحيات، في ظل مساواة بين المواطنين في الحقوق السياسية « مستطردا ً خلال حديثه على أن السلطة التشريعية ستبقى في جزء منها –نصفها- على شاكلة تعيينات كحالة رئيس الوزراء غير المنتخب بشكل مباشر أو غير مباشر من الناس ....
ويضيف السياسي البحريني أن «حراك 14 فبراير مازال مستمرا ً وهو حراك يومي بين الشباب المطالب بالتغيير وبين القوى الرافضة له « وهذا ما يبدو جليا ً من خلال ما تشهده الساحات والشوارع البحرينية من مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية كان آخرها ما حدث من اشتباكات ليل الثلاثاء امتدت حتى فجر الأربعاء -5 أيلول- وذلك على إثر تأييد محكمة الاستئناف للأحكام الصادرة في حق معتقلي المعارضة والتي تصل إلى السجن المؤبد علما ً أن البحرين كانت قد شهدت تظاهرات حاشدة يوم الجمعة 31 آب في أول مظاهرة مرخص لها منذ أكثر من شهرين للمطالبة بالديمقراطية وإطلاق سراح المعتقلين،حيث رفع المتظاهرون الاعلام البحرينية وصوراً لرموز المعارضة، بمن فيهم الناشط المسجون نبيل رجب الذي حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات والذي يطالب أنصار المعارضة بالإفراج عنه، وأكدت المعارضة المتمثلة بخمس جمعيات أبرزها جمعية الوفاق أن «جميع المعتقلين يجب إطلاق سراحهم فوراً بوصفهم سجناء رأي». وقالت المعارضة إن «سياسة القمع والتنكيل والتضييق على حرية العمل السياسي ووضع قوائم المنع من السفر وتعميمها على الدول الشقيقة والصديقة لن يثنينا عن الاستمرار في المطالب المشروعة لشعب البحرين «، يذكر أن من أبرز المعتقلين الناشط السياسي عبد الهادي خواجة والناشط نبيل رجب وقد وصل عدد المعتقلين إلى 13 قيادياً في المعارضة، وقد قال محامون إن المحكمة كانت قد قررت تأييد أحكام السجن الصادرة بحق السجناء إذ أيدت حكم السجن المؤبد على 7 منهم فيما أيدت أحكاماً بالسجن تتراوح بين سنتين و15 عاما بحق الآخرين ويندرج هؤلاء المعارضون ضمن مجموعة من 21 معارضا بارزاً، بينهم 7 حوكموا غيابيا. وأفاد شهود عيان أن محيط المحكمة في المنامة شهد انتشارا امنيا مكثفا لمنع اية تظاهرات ويعد الناشط المعارض عبدالهادي الخواجة من أبرز المحكومين والذي نددت عدة دول ومنظمات بمحاكمته.
إن الحراك الجماهيري في البحرين أثبت حتى اللحظة مستوى عالياً من النضوج السياسي وهو يقع ضمن الأيقونات الثورية التي لاتقل أهمية عن أخواتها العربيات وتزداد أهمية هذا الحراك على المستوى الإقليمي كونه فضح زيف الإدعاءات الغربية حول دعمها للمشاريع الديمقراطية ووقاحة أنظمة الخليج التي تتبجح بدعمها لبعض الثورات فيما تسعى ليل نهار إلى وأد هذا الحراك المتصاعد.