الأردن والأزمة السورية
لين الفرج لين الفرج

الأردن والأزمة السورية

يتبع الأردن منذ بدء الأزمة السورية سياسة يمكن وصفها بالازدواجية بدأت منذ إعلان الحكومة موقفها من الازمة حيث صرحت حكومة الملك عبد الله أنها شأن سوري لن تتدخل فيه وهذا ماأدى إلى إدخاله في مأزق جديد اتجاه حكومات الهبات إذ يعيش الأردن واقعاً اقتصادياً متردياًبسب نهج الحكومة ممايجعل من الصعب التحرك السياسي بمعزل عن هذه الحكومات والمقصود بها مجموعة من الدول التي تقدم للأردن جملة من المساعدات الاقتصادية التي يحتاجها الأمر الذي حوله إلى تابع سياسي وبالتالي لم يعد قادرا كحكومة وشعب اتخاذ قراره بمعزل عن قرار مموليه فهذا البلد المحدود المساحة 10% من أراضيه فقط صالحة للزراعة ومياهه الجوفية محدودة كما ان أمطاره قليلة في أغلب مناطقه وأهم موارده هي الفوسفات والبوتاسيوم والأسمدة ومشتقاتها لذلك لجأ إلى السياحة والمساعدات الخارجية في حل أزمته الاقتصادية ولكنه رغم ذلك لم يستطع فهو يفتقر إلى مصادر الطاقة إذ أن الناتج المحلي للغاز فيه يغطي فقط 10%من احتياجاته وكان يعتمد حتى عام 2003على العراق لتأمين احتياجاته

ومنذ عام 1999أغرق الأردن في اتباع مايسمى سياسة الانفتاح الاقتصادي والتجارة الحرة فسجل رقماً قياسياً من المعاهدات الاقتصادية مع الولايات المتحدة  وكندا ودول الاتحاد الأوربي وتركيا وسورية وهو عضو في التجارة الحرة العربية الكبرى واتفاقية أغادير وقام بخصخصة الاقتصاد الحكومي 

هذا الأمر سرع في عملية تدهور اقتصاده بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية وغياب  التنمية ومنه تحول المشهد السياسي في الأردن من صورة غلبت عليها المجاهرة بالتعاون الوثيق بين ملكه والولايات المتحدة وإسرائيل  إلى آخر يلبس عباءة الحكمة والحيادية فما الذي يكمن وراء ذلك ..؟

تشكل واقع الحركة السياسية في الأردن من الواقع الاقتصادي، فحكومته الموالية للغرب الأمريكي والاوربي  وسياسة اللبرلة الاقتصادية والسوق الحرة بعد إضعاف الاقتصاد أدخل تيار الإخوان المسلمين على الواقع السياسي ليحتل فضاءً واسعاً بات يهدد عرش الملك وينذر بربيع أردني على غرارما يسمى بالربيعات العربية مماجعل الوضع معقداً ومركباً.إذ يرتبط هذا البلد ببريطانيا والولايات المتحدة تاريخيا ولم يتوان ملكه في تنفيذ أي مخطط لهما بصفتهما قطبا دوليا بما في ذلك فتح علاقات مع إسرائيل الامر الذي حول الاردن إلى ساحة عمليات عند الحاجة، وهو ما أعطاه شكل كيان موحد سياسيا لملك وشعب وحكومة  يأتمران به لكن دخول الإخوان منتقدين سياسة الملك الاقتصادية والتي لاتختلف فعليا عن سياستهم وملوحين بربيع عربي جديد وهذا يثير تساؤلات كثيرة حول الدور الذي ينبغي أن يلعبوه في الضغط على حكومة الملك ومن جهة ثانية بدا التحول على المستوى الجماهيري إذ ينقسم إلى أحزاب سياسية يتصدرها الإخوان المعارض وكتلة العشائر التي تشارك في الحكومة الحالية بقوة  والشعب الفلسطيني المقيم في الأردن والذي بات يشكل قوة جماهيرية أساسية في الأردن

لقد تم تركيب الأزمة السورية على هذا الواقع بداية بالتصريحات التي وضحت محاولة تجنب الحكومة تحرك شعبي مفاجئ ومن ثم فتح الحدود واستقبال اللاجئين على مضض فقدبلغ عدداللاجئين ما يفوق 19ألف لاجئ الامر الذي شكل عبئ اقتصادي جديد لم يستطع الملك إلا استغلاله وطلب معونات بقيمة 700مليون دولار وقد تم الحصول على 20 مليون دولار منها من أستراليا ومع ذلك بقى الوضع في المخيمات يتدهور مما جعل اللاجئين يتظاهرون على أمل الحصول  على بعض الحاجات اليومية

يمكن القول الولايات المتحدة استفادت من حكومة الاردن على أكمل وجه فقدتم تدريب الجنود الامريكيين  في أراضيها والقيام بالمناورات العسكرية على أساس التحضير لنقل السلاح الكيميائي المتواجد في سورية إلى أراضيها   واستخدام حدودها لتمرير السلاح وادامة الاشتباك  و أمد الازمة وهو ما يمكن الاستناد عليه و القول إن انتقالالازمة لا يتم من سورية إلى دول الجوار فقط بل من دول الجوار إلى الداخل السوري أيضاً وذلك عبر حكومات موالية للولايات المتحدة وحليفاتها أوربا وإسرائيل ويمكن القول أيضاً إن التحرك الأمريكي لا يقتصر على محاولة التحكم بالثورات أو الالتفاف عليها بل يتجاوز ذلك الى تكوين فضاءات سياسية جديدة للدول العربية وداخل الانظمة المناهضة والموالية لها وهو يستوجب التحرك باتجاه خلق فضاء سياسي جديد يكون حامله وطنياً في المنطقة العربية.