استفتاء أم حرب.. النتيجة دمار
فجأة استيقظ النظام الرسمي العربي في سرت الليبية على أن تقسيم السودان هو «انفراط في المسبحة» الجغرافية السياسية العربية والإفريقية، وفجأة استيقظ أولو الأمر في الخرطوم على أن الاستفتاء «على استقلال الجنوب» «يجب أن يقود إلى السلام لأنه ليس هدفاً بحد ذاته بل وسيلة» حسبما قال وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين في القاهرة خلال دعوته إلى تأجيل الاستفتاء المقرر في 9 كانون الثاني المقبل. وفجأة يكتشف الوزير ذاته أن حل قضية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتقرير مصير منطقة أبيي الغنية بالنفط ومناطق الرعي القبلي في إطار الدولتين «يفتح المجال أمام التدخلات الأجنبية والتباعد بين الطرفين»!!، بعدما اكتشف رئيسه عمر حسن البشير أن لا تقسيم للسودان ولا تفريط بوحدة أراضيه الوطنية(!!) في وقت حذر فيه رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت من أن أي تأخير في إجراء الاستفتاء من شأنه أن يسبب عودة للعنف على نطاق واسع، داعياً سفراء ا
لدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى نشر قوة أممية على طول الحدود «لخفض منسوب التوتر قبل التصويت» وسط نفي أوربي ودولي للاستجابة لهذا المطلب، ورفض من حكومة الخرطوم لإجراء لا يمر عبر موافقتها، وتأكيد لجان «مراقبة الاستفتاء» وجود أجواء مشحونة وحشود متبادلة عبر الحدود بين الشمال والجنوب وفي أبيي.!!
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا الآن ظهرت هذه المواقف «القوية» والصحيحة، ولماذا كان إجراء الاستفتاء بالأساس نقطة محورية في «اتفاق السلام الشامل» الذي أنهى حرباً استمرت أكثر من عشرين عاماً بين شمال السودان وجنوبه، وإلى متى ستبقى الشعوب الفقيرة مهددة بالاقتتال والموت والدمار في لعبة المتسلطين داخلياً ودولياً وصراعهم على مصادر الطاقة والنفوذ؟