باكستان في مواجهة «الأمريكي»!
«أفادت مصادر باكستانية بمقتل ما لا يقل عن 4 أشخاص وإصابة 15 آخرين جراء انفجار قنبلة شمال غرب باكستان يوم 10 أيّار»، «مقتل 11 شخصاً وإصابة 30 آخرين»، «عشية الانتخابات التشريعية في باكستان قتلى وجرحى في تفجيرات عدة ضربت البلاد»...
هكذا تتوارد الأخبار من باكستان التي تشهد انتخابات تشريعية يوم 11 أيّار 2013. التفجيرات تبنتها مسبقاً حركة «طالبان» التي هددت بضرب مراكز الانتخابات وتعطيلها تعبيراً عن رفضها للانتخابات «غير الشرعية» حسب تعبيرها. وتشهد البلاد توتراً جديداً مع الجارة أفغانستان تمثّل في اشتباك حصل بين عناصر من الجيشين في يوم 2/5/2013 وتبعه تصريح للرئيس الأفغاني «حامد كرزاي» دعا فيه حركة «طالبان» إلى توحيد الصفوف في محاربة «أعداء البلاد» في استهداف للجارة باكستان.
انتعاش إيراني
قد يبدو أن لا تغير في موقف «طالبان» ونشاطها العسكري، ولا جديد في التوتر بين الجارتين نتيجة الصراعات القائمة عموماً في المنطقة، لكن الوقائع تشير إلى مؤشرات عديدة تحدد أكثر منبع ذلك النشاط وضرورته، فباكستان على أبواب تغيّر جيوسياسي اقتصادي حاسم بعد الاتفاق الذي أُبرم مع إيران لمد خط للغاز الطبيعي، وقد أمنت إيران قرضاً لباكستان بقيمة 500 مليون دولار لإنجاز الجزء الباكستاني بعد أن تأكدت من عدم تراجع باكستان عن الاتفاق تحت الضغوط الأمريكية. التكلفة الإجمالية للخط ستبلغ الـ 7.5 مليار دولار ويمد الخط باكستان بـ 750مليون متر³ يومياً وهو ذو أثر إيجابي كبير على الاقتصاد الباكستاني، ولعل أهمها وقف انقطاعات الطاقة ورفع انتاجية المعامل نتيجة لذلك، وهو الأمر الذي لطالما احتاجته باكستان التي لا يوجد فيها نفط، ولا إمكانيات أو برامج حالية لاستغلال الطاقات البديلة _لدى باكستان طاقات كامنة كبيرة على صعيد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح_، وسيبدأ العمل فعلياً به في نهاية 2014.
الهند أيضاً
تبدو الخطورة التي يمثلها هذا المشروع على الولايات المتحدة الأمريكية واضحة ، فعلى الصعيد السياسي العام يضرب هذا المشروع نهائياً مشروع خلق التوتر اعتماداً على الفالق السني الشيعي في المنطقة، لأن هكذا مشروع يوحّد مصير البلدين، إضافة إلى الامتداد الكبير له حيث أن نهاية الخط تبعد عن الهند 100كم فقط، والهند تدرس هذا الخيار حالياً، بعد أن تراجعت عنه في 2009 نزولاً تحت الضغوطات الأمريكية، حيث كان من المفترض أن تعوّض لها حكومة الولايات المتحدة آنذاك موارد الطاقة، لكن التعويض لا يقارن أبداً بعائدية هذا الخط.
ضغطت الولايات المتحدة على باكستان للتراجع عن الاتفاق مع إيران، ثم لجأت إلى التهديد المعلن، حيث قالت الولايات المتحدة أن هذا المشروع يندرج ضمن العقوبات على إيران التي تقول بمنع الاستيراد من أية دولة تشارك إيران في مشروعات تزيد مجمل قيمتها عن الـ 20مليون دولار سنوياً، وقد جاء هذا التهديد في اليوم ذاته الذي احتفلت فيه حكومتا إيران وباكستان بإتمام الجزء الإيراني من الخط.
بالنسبة للولايات المتحدة فإن ذهاب الهند للارتباط بهكذا مشروع يعني تغيّر توازنات القوى في المنطقة وقد يؤدي إلى توحيد مصير شعوب إيران – باكستان – الهند، وتحوّل في سياسات الهند وباكستان بغير المصلحة الأمريكية ولمصلحة الحلف المقابل المتمثل في الصين وروسيا وهذا ماقد يشكل ضغطاً استراتيجياً على الولايات المتحدة في جيوبها التاريخية.