اليمين يفوز في الانتخابات اليونانية وخطط التقشف رهن تشكيل الحكومة ..
تعتبر الانتخابات اليونانية ساحة استقطاب وصراع واضح على القضية الأكثر راهنية وحساسية في الساحات الأوروبية وهي إجراءات التقشف. شدّت هذه الانتخابات انتباه كل الأوروبيين حكومات وشعوباً، والتي كانت ستحدد بقاء اليونان أو خروجها من منطقة اليورو، فالدول والمؤسسات الدائنة تضغط باتجاه تبني إجراءات التقشف،
كي تعطي مصداقية وموثوقية لأسواق المال التي عليها أن تمول لاحقاً إعادة الإقراض للحكومة اليونانية، ومن هنا أتت التصريحات من المكسيك، المكان الذي تنعقد فيه قمة العشرين، والتي تؤكد على أن انسحاب اليونان من منطقة اليورو هو السيناريو الأسوأ، ومن هنا أيضاً كان تأكيد مجموعة القمة على دعم الخطة الأوروبية وضخ أموال إضافية إلى صندوق النقد الدولي، على الرغم من أن الخطة الأوروبية تقوم على حل أزمة الديون بمزيد من الديون.
دفع مستوى اشتداد الأزمة الأوروبية، واليونانية تحديداً، إلى ظهور قوى سياسية على ساحة الأحداث الأوروبية، تحمل برامج بديلة، وشكل دخولها المعارك البرلمانية التي كانت حكراً على ديمقراطيات اللون الواحد، عامل جذب لليسار المترقب، وللحكومات المتخوفة أيضاً، وأبرزها تحالف اليسار «سيريزا» في اليونان، لم يحقق التحالف الفوز في الانتخابات البرلمانية اليونانية، وإنما احتل المركز الثاني، بنسبة 27,1% من الأصوات، بينما حقق حزب الديمقراطية الجديدة اليميني المركز الأول بنسبة 29,5 % ، وكل من الحزب اليميني والتحالف اليساري، كانا الوحيدين اللذين حققا تقدماً في عدد الأصوات عن الانتخابات السابقة في أيار، والمعادة نتيجة عدم قدرة الأحزاب الفائزة على تشكيل ائتلاف أو حكومة في حينها.
أما الأحزاب التالية فقد كانت حزب «باسوك» الاجتماعي الديمقراطي، الذي حل ثالثاً على الرغم من تضاؤل نسبة ناخبيه، وبالتالي مقاعده، بينما كان للحزب الفاشي المسمى حزب «الفجر الذهبي» الموقع الخامس، محافظاً على نتيجته نسبة 6,95% (19 مقعداً)، أما الحزب الشيوعي فقد حل سابعاً بعد حزب اليسار الديمقراطي، وخسر الحزب الشيوعي مع إعادة الانتخابات نسبة 3,98 % وهي نسبة كبيرة، وأصبح عدد مقاعده 12 مقعداً.
وكان تحالف اليسار الذي ضاعف نسبة ناخبيه ومقاعده، خلال تسعة أسابيع فقط فاصلة بين الانتخابات السابقة والحالية، قد وجه دعوة، قبل الانتخابات، لتشكيل تحالف كبير هدفه تشكيل حكومة يسارية تخرج اليونان من الأزمة المالية، ولا تطبق سياسات التقشف، ولا تخضع لإملاءات المؤسسات المالية الكبرى، ولكنه سرعان ما أعلن بعد الانتخابات قراره رفض المشاركة في تشكيل حكومة ائتلافية، معلناً بقاءه في المعارضة، حتى يحقق برنامجه الانتخابي، حيث أن زعيم حزب الديمقراطية الجديدة الفائز سيسعى إلى تشكيل حكومة، تشارك فيها كافة القوى الأساسية الأخرى. إلا أن نجاح تشكيل هذه الحكومة غير مضمون، وقد يعتمد على توجه حزب «الباسوك» الذي يحسب على يسار الوسط، ويعتبر من الأحزاب التي تدعم تطبيق إجراءات التقشف والحصول على قروض من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، إلا أن هذا الحزب كان قد أعلن عدم مشاركته في حكومة لا تضم القوى السياسية الكبرى، ولكن يبقى ذلك قيد المحادثات. حيث أن المهلة المتاحة للحزب اليميني الفائز هي ثلاثة أيام، يفوض بعدها تحالف اليسار «سيريزا» بتشكيل الحكومة.