مستقبل الأرض ليس للبيــع
أعرب الناشطون ومنظمات المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم، عن قلقهم المتزايد بشأن الضغوط التي ستمارسها الشركات التجارية على جدول أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، المعروف أيضا باسم «قمة الأرض»، والذي سينعقد في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في الفترة 22-24 من الشهر الجاري.
وتأتي منظمة أصدقاء الأرض، وهي مجموعة بيئية شعبية، ضمن هيئات المجتمع المدني التي تكن المخاوف والقلق إزاء تأثير الجماعات الضاغطة من القطاع الخاص على الأمم المتحدة.
وقالت المنظمة في بيان لها، «نحن نرى أن سياسات الأمم المتحدة لا تخدم المصلحة العامة، وإنما تدعم المصالح التجارية للشركات أو قطاعات الأعمال. لقد سيطر قطاع الشركات التجارية تماما على الأمم المتحدة».
وكانت منظمة أصدقاء الأرض قد أصدرت عريضة وصفت بأنها «بيان المجتمع المدني لاستعادة الأمم المتحدة من قبضة الشركات التجارية». وحصلت العريضة على دعم كبير في صورة مئات من توقيعات الناشطين من أسبانيا إلى كندا.
هذا وتعد مناقشة السبل التي يمكن من خلالها تعويض تداعيات الزحف العمراني والإستهلاكي والتلوث البيئي في العالم، إحدى أهم أولويات قمة الأرض التي يتضمن جدول الأعمال أيضاً الإنتقال إلى «الاقتصاد الأخضر»، وهو نموذج اقتصادي جديد يهدف إلي الحد من الخسائر الناجمة عن التدهور الإيكولوجي والبيئي.
ووفقا لدراسة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، تدعمها 3000 من أكبر المؤسسات الحكومية في العالم، فقد بلغت التكلفة الإجمالية للأضرار البيئية التي تسببها الشركات الخاصة 2.2 تريليون دولار -بما يساوي تقريباً إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لثامن أكبر إقتصاد في العالم، إيطاليا.
وتعزى معظم هذه التكلفة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتلوث الهواء المحلي وتلوث واستنزاف المياه العذبة.
في مواجهة ذلك، أطلق الناشطون سلسلة من الاحتجاجات والحملات تحسبا لقمة الأرض «ريو +20». وتخطط المعروفة باسم «حركة الإحتلال» لضمان تواجدها بين صفوف الحركة المناهضة، فأصدرت «العريضة الشعبية» على الانترنت، وهي التي تتناول دور جماعات الضغط التجارية في محادثات القمة. لكن دانيال كامن، أستاذ السياسة العامة في مدرسة غولدمان للسياسة العامة بجامعة بيركلي، لا يشاطر الرأي القائل بأن مشاركة شركات الأعمال لها تأثير سلبي. وقال إن الشركات تلعب دوراً حاسماً في المحادثات. وأضاف: «يجب أن تكون شركات الأعمال طرفاً في المحادثات والحوار، فدون القطاع الخاص، يصبح المناخ هو مجرد نقاش بين الزعماء الوطنيين».
هذا ولقد تعرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما لانتقادات بشأن سياساته بشأن مصالح الشركات، والتي تثير استياء الناشطين في مجال البيئة والنقابات العمالية.
فقد سربت مجموعة «المواطن العام» المعنية بحقوق المستهلكين مؤخراً، وثيقة بينت أنه بموجب الأحكام الجديدة للتجارة، ستكون الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في الولايات المتحدة قادرة على استئناف القوانين التي تنظم التجارة أمام محكمة دولية أكثر تساهلا وأقل صرامة بشأن السياسات البيئية.
وكانت البرازيل نفسها، في الآونة الأخيرة، ضحية التلوث البيئي للشركات. ففي شهر مارس الأخير، قدمت نقابة عمال النفط في البرازيل دعوى قضائية ضد شركة الطاقة الاميركية«شيفرون»، وشركة التنقيب البحري «ترانس أوشن»، نتيجة لتسرب النفط في البحر قبالة ساحل البرازيل في نوفمبر الماضي.
وتهدف الدعوى إلى وقف هذه الشركات عن العمل في البرازيل. فقد تسرب نحو 3000 برميل من النفط في المحيط الأطلسي بسببها.
وكانت ترانس أوشن، وهي واحدة من أكبر شركات التنقيب البحري في العالم، قد تسببت في تسرب النفط عام 2010 مما لوث خليج المكسيك بكمية تصل إلى 4.9 ملايين برميلاً، فيما يعد أكبر تلوث نفطي في أراضي الولايات المتحدة.
هذا وكانت القمم السابقة قد تناولت هذه الأنواع من المشاكل. فقد اجتمعت قمة الأرض عام 1992 في ريو بعد عام من حرائق آبار النفط الكويتية والتسرب النفطي في اعقاب حرب الخليج، والذي يعد أضخم تسرب نفطي في التاريخ الحديث.
ولقد اتخذت الأمم المتحدة خطوات لتحسين كفاءة الطاقة، في محاولة لنفي الحاجة المتفشية للنفط، وذلك من خلال مبادرة الطاقة المستدامة للجميع التي قادها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون. وكان الهدف من الإقتراح هو التوافق مع زيادة التركيز على الاستدامة الاقتصادية والبيئية عالمياً.
وقال أتشيم شتاينر، المدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنه إذا استمرت الأنماط الحالية لإنتاج واستهلاك الموارد الطبيعية، ولم نتمكن من عكسها وفصلها، فستشهد الحكومات مستويات غير مسبوقة من التلف والتدهور.
فقد ذكر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في تقريره الذي يصدره كل خمس سنوات، أنه قد تم تحقيق تقدم ملموس على أربع فقط من أهم القضايا البيئية، وعددها 90.
كذلك فينذر إستنزاف التنوع البيولوجي والموارد الذي نتج في العقدين بين قمتي الأرض، بالتفاقم والمزيد من التدهور.
وحذر بافان سوخديف، مستشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة، «سوف نواجه أكبر كارثة اقتصادية وبيئية في المستقبل إذا لم نعالج على وجه السرعة خسارة رأسمالنا الطبيعي وإعادة توجيه بوصلتنا الاقتصادية».