باحثون يطالبون بالتعاون في شأن أمن العالم: الأزمة المالية العالمية تهدد السلام
طالب التقرير السنوي للسلام، الذي عرض الثلاثاء الماضي في العاصمة الألمانية برلين، بضرورة وجود تعاون عالمي لضمان أمن العالم بعد التغيرات التي شهدتها مواقع وتوازن القوى في السنوات الأخيرة، نتيجة لتعزز دور البلدان الناشئة في صناعة القرار الاقتصادي والسياسي في العالم، فضلاً عن دور البنوك والمؤسسات المالية ووكالات التصنيف الائتماني الذي برز بقوة خلال الأزمة المالية واستمرار تداعياتها.
وعدّ التقرير، الذي تصدره أربعة مراكز بحثية هي: معهد بحوث السلام والسياسة الأمنية التابع لجامعة هامبورغ، ومؤسسة هسن لبحوث السلام والصراع، والمركز العالمي للتحولات في بون، ومؤسسة الدراسات البروتستانتية المشتركة في هايدلبيرك، النمو المتصاعد الذي تشهده جمهورية الصين الشعبية عاملاً هاماً في تحولها إلى فاعل لا يمكن تجاوزه على الساحة العالمية، فالصين تمثل في الوقت ذاته منافساً وشريكاً للولايات المتحدة، » لقد مضى زمن الهيمنة الغربية التي لا تنازع».
ويضيف التقرير »نعتقد أنه من الخطأ الحديث عن عداء جديد، والتعامل مع الصين وفق النمط القديم الذي كان يسعى لاحتوائها، وأكثر من هذا يجب أن ننجح في دمج القوى الصاعدة مثل دول «بريكس» (التي تضم، إلى جانب الصين، الاتحاد الروسي والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا) في النظام العالمي ونشركهم في المسؤولية الدولية، ولا يمكن الوصول إلى الأمن من خلال التضاد، بل من خلال العمل معا».
وما يثير القلق أن الاتحاد الأوروبي نتيجة لأزمته لا يتعامل وفق ما تقتضيه مستجدات الزمن وضروراته، ولهذا يتهمه التقرير بترك البنوك بلا حساب يذكر بالرغم من الضرورات القصوى لإعادة هيكلة الأسواق المالية، وبدلاً من ذلك يجري إخضاع أوروبا بأجمعها إلى ضغوط الحكومة الألمانية من اجل »الخضوع لإجراءات التقشف الصارمة، التي تدفع الاقتصادات الأضعف الى حالة ركود مع استمرار هدم دولة الرفاه«. وقالت الباحثة في معهد هابورك للسلام »مارغريت يوهانسن« عند عرض التقرير: » يستمر فقدان صارخ للتضامن بين بلدان الشمال المتطورة وبلدان الجنوب الفقيرة «وتضيف» ان الازمة المالية تمثل خطراً على السلام في أوروبا«، في إشارة منها لاحتمالات إنهاء النموذج الأوروبي لدولة الرفاه وسقوطه تحت عجلات الأزمة المالية.
فأزمة اليورو أعطت ألمانيا دورا قياديا في أوروبا، ولكن يجب أن يكون هذا شيئا آخر غير ممارسة الهيمنة والإملاء.
وفي هذا السياق، ينتقد التقرير صفقة الدبابات مع المملكة العربية السعودية باعتبارها إشارة خاطئة، ويدعو إلى مزيد من الرقابة على الأسلحة والعمل على الحد من برامج التسلح ومن تصدير السلاح، وتناول التقرير بالنقد أيضا السياسة الأوروبية بخصوص الهجرة، وبخصوص التعامل مع بلدان »الربيع العربي« رفض التقرير فكرة التدخل العسكري وتزويد المعارضة السورية بالسلاح. من جانبه عبر احد معدي التقرير » برونو شوخ« عن عدم تفاؤله بخطة كوفي عنان للسلام، ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدات الإنسانية والتعاون مع بلدان الجوار السوري لحل مشكلة اللاجئين.
واعتبر التقرير تهديدات إسرائيل بقصف المعدات النووية الإيرانية مخالفة للقانون الدولي، إذ لا بديل للجهد الدبلوماسي، وان إسرائيل وإيران تحتاجان لضمانات للسلام وصولاً إلى شرق أوسط خال من السلاح النووي. فلا يحتاج العالم إلى السلاح النووي، بل إن ما يحتاجه هو خطوات جدية على طريق النزع الكامل للسلاح النووي.