تحالف «ألبا»: الشعوب ضد الرأسمالية
شهدت البرازيل في السادس عشر ولغاية العشرين من أيار الفائت انعقاد قمّة مهمّة ذات بُعد عالمي، لم ترصدها رادارات معظم وسائل الإعلام بما فيها التقدمية واليسارية
قمة للجماهير وليس للحكومات فقط
لم تكن هذه القمة تقليدية كتلك التي تضمّ عادةً رؤساء الدول وقادة الأعمال. وعوضاً عن ذلك، كانت ملتقىً لممثلي الحركات الاجتماعية من أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي -محط الصراعات الحادّة والثورات الشعبية خلال العقود القليلة الماضية- وأيضاً، المنطقة الوحيدة التي شهدت انبثاق نمط بديل عن النيوليبرالية الرأسمالية، مدعومة من التحالف البوليفاري لشعوب أميركا: «ألبا».
تضم الـ«ألبا» ثماني دول أعضاء تحت قيادة الحكومات الراديكالية لفنزويلا، بوليفيا، إكوادور، وكوبا، ولكنها تسعى للارتباط فعلياً بحركات الشعوب وليس فقط الحكومات.
نص البيان الختامي لقمة البرازيل على:«بناء تكامل قاري للحركات الاجتماعية يروّج لتحالف الـ«ألبا» ووحدة الشعوب بوجه المشروع الإمبريالي».
كما يعرّف البيان الـ«ألبا» بأنّه:«بشكل أساسي، مشروع سياسي، مناهض للنيوليبرالية، وضد المشروع الإمبريالي....وهي حركة من الشعب ومن أجل الشعب، لتوحيد الشعوب، للحياة، للعدالة، للسلام، للسيادة، للهوية، للمساواة، ولحرية أميركا اللاتينية، عبر حرية حقيقية تؤسس لاشتراكية هندية، إفريقية، وأميركية».
وتجدر الإشارة إلى أن التجمع قد تبنى أيضاً اسم «هوغو شافيز» تكريماً لذكرى رحيل الرئيس الفنزويلي والذي إلى جانب القائد الكوبي «فيديل كاسترو»، كانا أول من اقترح مشروع الـ«ألبا» .
حقبة الهجوم
ليس من قبيل المصادفة أن تم عقد القمة في مدينة «ساو باولو»، تحديداً في مدرسة التعليم الوطني التابعة لحركة «عمّال دون أرض» البرازيلية، فهي أوسع وأشهر حركة اجتماعية في المنطقة وهي أيضاً داعمة رئيسية لهذه المبادرة.
أصبح جلياً أنّ حركات اجتماعية عديدة من خارج دائرة دول الـ«ألبا»، وتحديداً حركة «عمال بلا أرض» البرازيلية (أم أس تي)- والتي سبق أن التقت بـ«شافيز» لمناقشة المبادرة- أرادت أن تكون جزءاً من إئتلاف الحركات الاجتماعية الداعمة لمشروع الـ«ألبا».
وفي الكلمة التي ألقاها في القمة، قال قائد الـ«أم أس تي» «جواو بيدرو ستيديل»: إن الملتقى يمثل حقبة ثالثة في نضال حركات أميركا اللاتينينة الاجتماعية. فوفقاً لتقرير التواصل بين الحركات الاجتماعية وتجمّع الـ«ألبا» في تاريخ السادس عشر من أيار الماضي، قال «ستيديل»:
الحقبة الأولى تمتد من عام 1990 وحتى عام 1998 وهي تمثّل لحظة مقاومة، حيث كنّا قادرين على كبح تقدم النيو ليبرالية والإمبريالية، حيث بدأت الشبكات الإلكترونية، المنظمات، والمنتديات القارية بالظهور، وشكّل الفوز الساحق لشافيز عام 1998 نقطة التتويج لتلك الحقبة حيث انتخب رئيساً لأول مرة.
الحقبة الثانية شهدت سلسلة نقاشات ولقاءات قادت لتشكيل «تجمع الحركات الاجتماعية»، وهو تحالف رئيسي في مناهضة النيوليبرالية، تجمّع لم تكن الاشتراكية من أهدافه المعلنة. كما شملت تلك الحقبة انتخاب حكومات أخرى تقدمية وابتكار منظمات تكامل إقليمي مبنية على الحكومات كأساس.
أما الحقبة الثالثة فهي تتطلب اليوم من الحركات الاجتماعية تقديم اقتراحات حول تحقيق تكامل يحفظ استقلال الحكومات وبالوقت نفسه يوحّدها حول مشروع موحّد. الحركات الاجتماعية بحاجة إلى مساحة مستقلة لانتقاد أو دعم الحكومات عند الحاجة.
نقد الحكومات لأجل المواجهة
ومن الأمثلة على موقف الدعم عبر الانتقاد كان نداء التجمع لوقف احتلال هاييتي من الأمم المتحدة والذي ضم قوات من عدد من بلدان أميركا اللاتينية من ضمنهم بوليفيا، البلد العضو في الـ«ألبا».
فالبيان الأخير ذكر أنّه منذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية أطلقت الولايات المتحدة «إمبريالية أعظم للهجوم المضاد عبر القارة، تمثّلت بزيادة تواجد الشركات العابرة للقارات في أراضينا، سلب مواردنا الطبيعية، خصخصة الحقوق الاجتماعية، عسكرة القارة، تجريم وقمع الاحتجاج الشعبي، تورط أميركا بالانقلابات في هندوراس والباراغواي، وزعزعة استقرار الحكومات التقدمية في أميركا اللاتينية.
ضمن هذا السياق المحاكي لهجوم إمبريالي، يبرز أيضاً ظهور إمكانات جديدة تخدم وجهة المشروع المعروف بـ«حكومات الألبا»، فيصبح التنسيق بين الحركات الإجتماعية على مستوى القارة أكثر أهمية من أي وقت مضى».
تم تبني عدد من الاقتراحات من ضمنها إنشاء دار للنشر، وتأسيس شبكة لوسائل إعلام الـ«ألبا»، وحركة يومية على مستوى القارة ضد احتلال «هاييتي»، ودعم الرئيس الفنزويلي «نيكولاس مادورو» والثورة البوليفارية في وجه العسكرة، والدفاع عن البيئة.
● عن: موقع أبحاث العولمة