أزمة الاتحاد الأوروبي..خلافات «رأي»!!
لم تكن الخلافات في المؤتمر الأخير للاتحاد الأوروبي مجرد «اختلافات» في الرأي، فالمؤشرات الاقتصادية السلبية والعجز المالي – الاقتصادي في أغلب دول الاتحاد، وتوقعات النمو غير المبشرة ورفض العديد من دول الاتحاد وضع سياساتها الضريبية تحت رقابة بروكسل، واحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد والتنافس الذي تواجهه المنظومة الأوربية أمام الولايات المتحدة والصين وغيرها من الاقتصادات الصاعدة، مؤشرات لخلل كبير
من هنا تبرز المصاعب الكبرى أمام الاتحاد، حيث بات واضحاً أن الأزمة تعدت كونها اقتصادية وباتت أزمة سياسية، فالهيكلية الاقتصادية التي يفرضها الاتحاد على الدول الأعضاء وإجراءات التقشف بما فيها من ضرائب جديدة هي في الواقع تضعف الطلب الكلي واستهلاك المواطن العادي وتزيد الديون عليه، وفي الوقت نفسه لا تحل شيئاً من المشاكل الاقتصادية للبلدان التي تتجاوب مع توصيات قيادة الاتحاد الأوربي.
بطالة الشباب 50% !
وفي الحقيقة إن معظم تلك البلدان تعلن ضيقها من هيمنة قيادة الاتحاد بحيث يقول العديد من المحللين الاقتصاديين إن هذه الدول -مثل إسبانيا واليونان- أُجبرت على الانصياع لضغوط البنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي، ورغم كل إجراءات التقشف والضرائب المتزايدة فإن النتيجة الوحيدة هي ارتفاع نسب البطالة لتصل إلى 27% في مجمل أوروبا، وتصل نسبة البطالة بين الشباب إلى أكثر من 50% خصوصاً في إسبانيا واليونان وإيطاليا رغم أن هذه الدول التزمت تماماً وعلى مدى السنوات الخمس الماضية -أي منذ أزمة 2008- بتوجيهات الهيكلة الاقتصادية التي فرضتها الهيئات المالية والاقتصادية للاتحاد، والجدير بالذكر أن إيطاليا هي من أكبر وأهم اقتصادات أوروبا حتى اللحظة التي تعاني من ركود اقتصادي عميق.
سطح الأزمة السياسية
تظهر اليوم بوادر أزمة سياسية في الاتحاد، كون الإملاءات التي تتعرض لها الدول والتي جاءت بنتائج تعاكس مصلحة البلدان المأزومة، وتتماشى مع مصلحة الدول الغنية في الاتحاد، أي تتصاعد التناقضات بين مصالح الدول الأعضاء الغنية ومجموعة الدول الأفقر في أوروبا، وتتعالى الأصوات الشعبية المنتقدة للاتحاد، ويتحدث المحللون عن نماذج لدول مثل «آيسلندا» التي عانت كثيراّ في أزمة 2008 لكنها استطاعت التعافي اقتصادياً بشكل جيد والبطالة تتراجع والنمو ترتفع معدلاته كونها خارج الاتحاد الأوربي ولم تنفذ أياً من هيكلياته الاقتصادية التي أغرقت دولاً أخرى.