تونس: صفحة جديدة.. الأولوية اقتصادية - اجتماعية
توالت نتائج التوافق بعد الحوار الوطني على إطلاق العملية السياسية في تونس بعد صراع كاد أن يزج البلاد برمتها في حالة من الفوضى لا تحمد عقباها، فتم تشكيل حكومة توافق برئاسة مهدي جمعة، وتمت المصادقة على الدستور الجديد ويتحدث السياسيون عن مناخ إيجابي لإعادة الأمن والاستقرار مواتية لقيام انتخابات رئاسية
بات الأمر مواتياً لطرح برامج اقتصادية اجتماعية مناسبة لنشل البلاد من حالة التراجع والتدهور التي تعيشها، وهكذا فعلت الجبهة الشعبية في تونس، وهي تجمع لقوى يسارية ووطنية تقدمية، طالبت فيه دعم التراجع عن الدعم وزيادة الإنفاق على العاطلين عن العمل وتخفيض الديون على الفلاحين ومراجعة الديون الخارجية والاعتماد على التمويل الداخلي.
وفي ظل الحالة المعقدة القائمة في منطقة الشرق الأوسط ونتيجة للظرف الإقليمي والدولي العام، تشهد العلاقات الروسية التونسية تحسناً، وخصوصاً بعد قدرة الأطراف السياسية المتنازعة، والقوة العمالية والنقابية التي يمثلها الإتحاد العام لشغل في تونس على احتواء الأزمة عبر العملية السياسية، وتحويل الصراع عن المجرى الذي حاولت حركة «النهضة» وحلفاؤها جره إليه، وبالتالي تأريض مشروع هذه القوى ومنع تكرار المشهد الليبي والمصري.
إمكانية التوجه شرقاً
لم تشهد العلاقات الروسية التونسية تدهوراً أو أي شكل من أشكال القطيعة من قبل، رغم كل التحولات السياسية التي شهدها البلدان وتحديداً في ظل ترددات ما سميٍ بـ«الربيع العربي» وتأثير التحريض الأمريكي ضد روسيا في أحداث الشرق الأوسط، لكن ربما تكون زيارة 4 آذار التي قام بها وزير الخارجية الروسي ومحادثاته مع الرئيس المنصف المرزوقي، زيارة فوق العادة. فقد عبر الجانبان فيها عن تقارب وجهات النظر بما يخص قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعزم البلدين على تكثيف النشاط السياسي والاقتصادي بينهما.
يأتي تعميق العلاقات الروسية- التونسية على أرضية الرغبة الروسية خلق الإستقرار في الشمال الإفريقي ودعم موقعها في القارة السوداء بوصفها عنصراً أساسياً في مجموعة البريكس ولديها علاقات وثيقة مع دولة جنوب أفريقيا وبالتالي هناك ضرورة ملحة لمنع تحول الشمال الأفريقي إلى مصدراً للسلاح والتطرف، في الوقت الذي ضعفت فيه خيارات النموذج التونسي الذي سعت له حركة النهضة في التعويل على الغرب وصندوق النقد الدولي لأجل تقديم قروض مالية.
يبدو أن تراجع حركة «النهضة» عن مواقعها السابقة سيفتح أمام تونس مجالات جيوسياسية ودولية بعيدة عن الغرب وأقرب إلى القوى المتوجهة شرقاً.