عام جديد.. نحو استقرار تونس
مضى عام 2013 بعد جهد شديد من الرباعي الراعي للحوار، وعلى رأسه «الاتحاد العام للشغل» في تونس، بهدف الوصول إلى توافق بين الأطراف السياسية في البلاد، حكومةً ومعارضةً، للتخلص من الأزمة الاقتصادية ــــ الاجتماعية والأمنية.
هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد بعد سنة من تولي الإسلاميين الحكم، حيث لم تشهد البلاد أي حلٍ للمشاكل الاقتصادية، التي كانت أساساً في انطلاق الحراك الشعبي في تونس، التي تشهد اليوم تراجعاً كبيراً في معدلات التنمية، وازدياداً في نسبة البطالة، في عهد الحكومة الجديدة.
إصرار التونسيين يوجِّه البوصلة
كان للنشاط السياسي التاريخي، الذي تعيشه الأحزاب السياسية التونسية، أثر كبير على التطورات التي جرت مؤخراً، (إذ يوجد في تونس حركة عمالية ونقابية عريقة)، هذه التطورات التي بدأت بحصول التوافق بين الأطراف السياسية على خارطة طريق، التي نصت على استقالة حكومة «علي العريض»، وتشكيل حكومة جديدة تترأسها شخصية مستقلة، ولا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة، لتضع الحكومة أمام خيارها النهائي في الانصياع لمطالب الشعب، حيث استجابت الأخيرة أمام إصرار التونسيين، وتعاطيهم مع الأزمة التونسية بصلابة عالية، إلى إطلاق العملية السياسية، التي أعلن عنها «حسين العباسي» الأمين العام للشغل، بانتخاب المجلس التأسيسي لأعضاء الهيئة المستقلة، المسؤولة عن الانتخابات في 8/1/2014، المقرر عددهم بتسعة أعضاء.
وبناءً عليه، يقر يوم الخميس 9 يناير، موعداً لاستقالة حكومة «العريض»، أمام الرئيس «المنصف المرزوقي»، ومن بعدها يقوم «مهدي جمعة»، رئيس الحكومة المتوافق عليه، بتسمية أعضاء الحكومة الجديدة، ومن ثم تولي إدارة البلاد، لفترة انتقالية أقصاها 6 أشهر، يتم خلالها إجراء الانتخابات، وقد كشفت قناة «روسيا اليوم» بعض التسريبات، التي تقول بأنه قد يكون «محمد شفيق صرصار»، ممثل الأساتذة الجامعيين، رئيساً للهيئة المستقلة، وقد يبقي «مهدي جمعة» عدداً من وزراء حكومة «العريض» في الحكومة الجديدة، إلا أنه لم تُعرف بعد الشخصيات التي سيتم اختيارها.
مكابرة «النهضة» لضمان الاستمرار
ويبدو أن حركة النهضة، بحكومتها، استقرأت ضرورة تقديمها الكثير من التنازلات لقيادة البلاد، فبعد محاولاتها أسلمة الدولة، وما تمخض عنه من صراع جديد عاشه التونسيون في مشروع صياغة الدستور، ليتفجر بعدها العنف في الشارع التونسي العام الماضي، ويتم اغتيال شخصيتين سياسيتين. أعلنت اليوم أنها تلتزم بوعودها بالاستقالة، وأنها لا تعتبر هذه الاستقالة هزيمة، وأنها ستدخل الانتخابات القادمة بقوة. لكن لم تعلن أي مشروع اقتصادي اجتماعي يمثلها، حتى الآن. ويبدو أن التونسيين لا يزالون يخشون من سياسة الحكومة، التي اتسمت بالمماطلة والتسويف منذ توليها، وخصوصاً بعد إصدارها قانون ضرائب جديد يثقل كاهل التونسيين، في ظل التحول السياسي والإداري الجديد، والذي خرج مئات من التونسيين احتجاجاً على إصداره، مساء الأربعاء الماضي، في مكانسي وفريانة وولاية القصرين.
هو عام جديد من التحولات السياسية والاقتصادية، التي تضع البلاد وجميع القوى السياسية أمام مسؤولياتها، والتي بدأت ترى النور شيئاً فشيئاً، علَّها تضيء الباقي من الدول التي شهدت حراكاً شعبياً واسعاً.