قراءة في التحولات الزلزالية الكونية وانعكاساتها العربية

تحت هذا العنوان قدم الباحث في الشؤون الاستراتيجية، د.كمال خلف الطويل محاضرة في بيروت مساء الإثنين 18/11/2013 بقصر الاونيسكو وبدعوة من الإتحاد البيروتي. والمحاضرة الكاملة المنشورة على موقع قاسيون الالكتروني تناول الباحث خلالها بداية أفول الدور الامريكي، وفيما يلي مقاطع منها.

للأفول ضريبة متوجبة الدفع، يمكن للمرء تلمس قسماتها على النحو التالي:

1 – التخفف من أثقال الانخراط المديد والخاسر في غرب آسيا: الانسحاب من العراق (بتأثير المقاومة العراقية: 2003-2007 ) وأفغانستان سبيلاً.
2 – الاكتفاء بنمط من الحروب- تحت المباشرة يتمثل حزمةً ثلاثية الأبعاد: الخنق الاقتصادي... الحرب النفسية... والعمليات الخفية (الصراع مع إيران ما بين 2004– 2013).
3 – الاشتغال على خطوط الفالق بين المستهدَفين بالترويض والاستتباع أمريكياً: توجس روسيا من أي نفوذ خارجي– حتى ولو صيني– في آسيا الوسطى... قلق روسيا من الندرة الديمغرافية في سيبيريا واحتمال استغلال الصين لها لدفع أحمال ديمغرافية ثقيلة إليها للعمل.. روسيا وتسعيرها لصادراتها من الطاقة والصين ورغبتها في أخفض الأسعار وهي المستوردة.. ثم هناك المثال الروسي– الإيراني: موسكو المتزاوجة بين حرصها على ألا تسترد واشنطن إيران تابعاً، ففي ذلك تطويق شبه كامل لحوضها القريب، وإعادة تأسيس لمنظومة قواعد عسكرية وتجسسية فيها تكفل اختراقاً معلوماتياً وأمنياً يصعب درؤه، وموسكو- بالمقابل- التي تعارض امتلاك إيران للسلاح النووي (لا القدرة النووية السلمية) لما في ذلك من فائض قوة إقليمي سبق له وأن كان طرفاً في حروب دامية أدّت إلى انتزاع القفقاس وآسيا الوسطى من «فارس»... وهناك أيضاً الخلاف على تحاصص التشاطؤ القزويني (وتذليله ممكن) واحتمال التنافس على تصدير الطاقة الإيرانية (والعراقية) لأوروبا بما يمكّن الأخيرة من التحلل من إسار الاتكال، بثلث استهلاكها الطاقوي، على روسيا (حلولُ تناقضٍ كهذا ليست عسيرة في حال قامت شراكة روسية– إيرانية تنسق سياسات التسعير والتصدير والإنتاج والتوصيل).
4 – استثمار أوضاع داخلية قابلة للإشعال في دول «مارقة» تعرّضها لحروب بالوكالة، تخوضها بالنيابة كونترا خادمة أو متخادمة: المثال السوري شديد السطوع.
5 – السعي إلى ضرب خصمين لها ببعضهما البعض:  القاعدة والنظام في سورية راهناً، وإيران والعراق سالفاً.
6 – اجتذاب أقطاب حائرين لصفّها بالغواية والترهيب في آن: منافع التحالف ضد خصم تاريخي للاثنين (كل من الهند وفيتنام ضد الصين).
7 – استبقاء مصدري الطاقة من تابعيها العرب في حوزة الدولرة، والتي بدونها ينقلب الحال من أفول إلى سقوط، بل ومدوٍ.
8 – تظهير حلفاء في صدارة مواجهات محدودة: القيادة من الخاصرة (مثال مالي الفرنسي، وقبله مثال ليبيا– متعدد الجنسيات- وقبل الاثنين مثال لبنان 2006.. وهو الفاشل بامتياز).
9 – تفعيل خط الفالق الطائفي في عالم العرب والمسلمين ليكون أخدوداً زلزالياً يعصف بمناعته وصحته وقابلياته.. والحق- كما يقول الطويل- أن الحرب العراقية– الإيرانية كانت طلقة البدء الأولى، ليليها احتلال العراق صاعقَ تفجير بدرجة 7 على مقياس ريختر، وتوالت بعده ارتداداته في لبنان ثم في سورية– وعودةً إلى العراق– على أبشع منوال.
10 – تجريب اعتماد أوراق الإسلام الإخواني حاكماً في العالم العربي بحسبان أن شعبيته بدت حول مطالع الألفية وكأنها بلا منازع، وعلى خلفية أنه ليس مصدر تهديد، وهو الذي عاش عقوده الستة الأخيرة في كنف «التبعية العربية».. وبالرغم من الانزعاج من تبنيه نهجاً مقاوماً في فلسطين منذ نهاية الثمانينيات تحت ضغط الضرورات.. وبظن أنه- تحت الرعاية التركية المخضرمة والمجربة– قادر على جملة أمور: الانخراط في الصراع المذهبي حامياً لحمى (طائفة بعينها).. التهدئة المضمونة والمفتوحة مع «إسرائيل».. وتعبئة مسلمي الصين وروسيا ضد دولهم بحجة الاستنهاض والحقوق.