سورية ومصر.. معركة المصير

سورية ومصر.. معركة المصير

عقدة الإنكار لدى الإدارة الأمريكية تجعلها لا تصدق أن مكانتها العالمية قد تغيرت وأن تراجعاً أصبح لازم الحصول.

مع التغيرات الكبرى يسلط الضوء وبكثافة على أكثر المناطق الخلافية بين المحورين، مناطق جنوب المتوسط وشرقه «سورية ومصر خصوصاً«، حيث أن عقدة الإنكار لدى جزء كبير من الإدارة الأمريكية التي لا تصدق أن مكانتها العالمية قد تغيرت.
هنا القاهرة من دمشق
خاضت سورية ومصر طوال تاريخهما الحديث الكثير من المعارك سوية ضد عدو واحد وفي خندق واحد ولهدف واحد هو تحقيق الاستقلال الوطني وتحرير الأراضي التي احتلتها «إسرائيل« والتي أُوجدت بين الدولتين الأكثر قدرة على تحديد ملامح وشكل المنطقة بسبب حجمهما ووزنهما التاريخي.
كانت «إسرائيل« شرطياً يهدف إلى إعاقة تقدم سورية ومصر، ولكن ومن جانب آخر، فقد أدى وجود عدو مشترك للبلدين إلى توحيد نضالات شعوب المنطقة حول هذا العدو مما يفسر التقارب الشديد بين البلدين حينما اتفقتا على مواجهة «إسرائيل« وصل إلى حد الوحدة بينهما وخوضهما أكثر من حرب سوية. كما أن تراجع العلاقات بينهما جاء نتيجة مباشرة لانسحاب مصر من الصراع مع«إسرائيل«.
 هناك قانون ما يحكم وضع البلدين، فكلما اشتدّ حصار إحدى الدولتين شعرت الآخرى بأنها مهددة بشكل مباشر، وهذا ما يحدث في ظل الحديث الأمريكي عن عدوان على سورية حتى أن أوباما وفي خطابه الأخير قال: «علينا التحرك سريعاً فالوضع خطير في سورية ومصر«، وهو ما واجهته مصر برفض قاطع.
الأمن القومي المصري على المحك
 يمكن تفسير سرعة سقوط الإخوان المسلمين القوة الأكثر رجعية التي حكمت مصر كونها اتبعت سياسات تهدد الأمن القومي المصري، حيث أنها قامت بسابقة تاريخية بقطع العلاقات مع سورية وطالب مرسي بـ«الجهاد« فيها وضرب جيشها، مما يعني إضعاف سورية أي العبث بالأمن القومي المصري، حيث أن الصراع على النفوذ بالمنطقة لا على سورية وحسب. دفع سلوك الإخوان بالقوى الوطنية والجيش للتصدي لهم وبعد ثورة 30 يونيو أعادت السلطات المصرية العلاقات بين البلدين من خلال إعادة العمل بين سفارة الدولتين، وجاء موقف وزير الخارجية المصري المعارض للاعتداء على سورية خلال قمة وزراء الخارجية العرب في مصر الأسبوع الماضي في سياق الإشارت التي يمكن تفسيرها بأن موقف مصر بات أكثر صلابة وجذرية.
تأمل الجماهير العربية من مصر الكثير، وطالبوها بإغلاق قناة السويس فيما لو شن العدوان على سورية، لكننا وبغض النظر عن ردة الفعل المصرية حتى اللحظة، إلا أننا نلمس تغيراً هاماً في السياسيات المصرية تقطع تدريجياً مع تركة كامب ديفيد وسياسات الإخوان الملحقة بالغرب.