تظاهرة 31 آب بين قلق السلطة العراقية واختبار الإرادة الشعبية

تظاهرة 31 آب بين قلق السلطة العراقية واختبار الإرادة الشعبية

تتواصل التحضيرات الجارية لتظاهرة 31 آب القادم، فالاجتماعات الشبابية التحضيرية شملت غالبية المدن العراقية وتحتشد صفحات الفيسبوك بالبوسترات والصور والشعارات التعبوية ناهيكم عن الحوار والجدل والمقارنة والنقد.

وأكد دعاة الحملة:« نؤكد إننا نعمل تحت سقف الدستور والقانون، وحريصون على سلامة البلد، ولا يمكن إلا أن نكون سلميين».

كما يجري تناول تجربة حركة 25 شباط 2011 الاحتجاجية، التي أرعبت النظام الحاكم برئاساته الثلاث، ولعل أبرز ما ينصب عليه النقاش بهذا الشأن، هو تجنب رفع شعارات استفزازية كما جرى في تظاهرة 25 شباط 2011، كشعار «إسقاط النظام» والتركيز على المطالب الشعبية كالخدمات والكهرباء والبطالة...الخ، على أن يكون الشعار المركزي للتظاهرة هو المطلب الرئيسي للحملة، أي «إلغاء تقاعد البرلمان».
توعّد حكومي
لقد تباينت ردود فعل الحكومة والبرلمان بشأن هذه التظاهرة، فقد تطوع العديد من النواب للتخلي عن هذا التقاعد في وقت تمسك آخرون به، أما «الرئاسة» فهي في حالة غيبوبة صحية للرئيس وملاحقة قضائية لنائبه الهارب الهاشمي وشلل عملي للخزاعي. من جهتها شنت الحكومة على لسان رئيسها نوري المالكي، حملة تهديدات مباشرة ضد الجماهير وحرض العشائر على التصدي للذين ينوون التظاهر قائلاً: «إن ثقتي بهم مطلقة بأنهم سيُفشلون هذه التظاهرات كما أفشلوا تظاهرات شباط 2011...لا نسمح بتظاهرات في ساحة التحرير ونصب الخيم».
إسقاط النظام؟!
إن استيعاب وتبني الجماهير لفكرة الخروج المطلبي الاحتجاجي في 31 آب يحول هذه الفكرة دون أدنى شك إلى قوة مادية على الأرض، والسؤال المطروح اليوم، هل أن حملة «إلغاء تقاعد البرلمان» هي الفكرة التي يمكن أن تتبناها الجماهير؟ أم ما يراه آخرون، شخصيات وحركات، من أن شعار «إسقاط النظام» هو الفكرة المقبولة جماهيرياً بعد أن كانت مرفوضة من قبلها في 25 شباط 2011؟
إن الشعار السياسي يُبنى على ثلاثة عوامل حتى يصبح فكرة تتبناها الجماهير، الزمان والمكان ودرجة وعي الجماهير، فإذا كان رفع شعار النظام في حراك 25 شباط 2011 خاطئاً، فإنه قد يكون صحيحاً راهناً، هذا من ناحية الزمان، وإذا كان حراك 25 شباط 2011 قد انطلق متأثراً بثورتي تونس ومصر ولم يكن العراق من ناحية المكان جاهزاً، فقد يكون مهيئاً اليوم لا تأثراً بثورة 30 يونيو المصرية العظيمة فحسب، وإنما بنضج الواقع الموضوعي العراقي بالدرجة الأولى، وإذا كانت الجماهير غير مهيأة لتبني فكرة إسقاط النظام في 25 شباط 2011، فقد تكون مستنكفة الآن عن تقبل فكرة تبني مطلب محدد كـ«إلغاء تقاعد البرلمان»، باعتباره مطلباً ثانوياً بالقياس لما تعانيه من أزمة أمنية ومعيشية وسياسية عميقة وشاملة.
سقوط العملية السياسية
أما نحن، فنرى، أن عشر سنوات من العملية السياسية الفاسدة، وتفجر أزمة كبيرة بين المرجعية واتباعها في الحكم على وقع اندلاع احتجاجات جماهيرية، تجعل مصير العملية السياسية  والطبقة البرجوازية الطفيلية الحاكمة على حافة الانهيار، وبالتالي، فإن أي تحرك جماهيري سيهدف حتماً إلى الإطاحة بالعملية السياسية برمتها، خصوصاً وأن المحاصصة الطائفية والإثنية، والتفجيرات والاغتيال والفساد الشامل لا تزال تطبع المشهد السياسي.
إن مطلب العراقيين الرئيسي الشرعي اليوم، هو، أن الوقت قد حان للتحرر من نظام المحاصصة التابع للإمبريالية الأمريكية وإقامة جمهورية العدالة الاجتماعية القادرة على تلبية حاجات المجتمع في الحياة الحرة الكريمة وإسقاط نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد.