مع المقاومة ولأجلها ولكن...

مع المقاومة ولأجلها ولكن...

لا تزال مواقف حزب الله وترجمتها على الأرض من الأزمة السورية مثار جدل واسع على الساحات المحلية واللبنانية والإقليمية والدولية. وهذا ناتج ليس فقط عن أوجه القصور في رؤية الحزب للأزمة السورية وتطور أشكال تدخله فيها من الخطابي إلى الميداني، بل بسبب ما يجري من اصطفافات وهمية تغذيها الولايات المتحدة والصهيونية العالمية، والسائدة في هذه الساحات ليس على أساس وطني أو قومي أو مقاوم...

إن ما يجب الحديث عنه اليوم، ومن موقع الدفاع عن محور المقاومة والعمل على إخراجه من هذا الصراع بأقل الخسائر تمهيداً لانطلاقة لاحقة، أن مقاربة حزب الله للصراع السوري من الزاوية  العسكرية وإن نجحت إلى حد ما  في التدخل الدقيق والنوعي للحزب ضد التكفيريين وحسب، إلا أنها تعاني من إشكاليات في ثلاثة محاور رئيسية:
• أنه ومع اقتراب الحل السياسي ورغم محاولات كل الأطراف تحسين مواقعها على الأرض لأجل التفاوض، ورغم أن حزب الله يعلن أنه خارج هذه الحسبة كونه يقاتل تكفيريين لا ولن يقبلوا بالحوار والحل السياسي، إلا أنه يخالف بذلك، وبخطابه العلني حول تدخله العسكري، مزاج شرائح واسعة من السوريين الذين باتوا يرفضون كل أشكال الأسلحة الموجهة لداخل البلاد وحملتها مهما كانت قدسية هوية البندقية، خاصة وبعد أن اتضحت أوهام الحسم العسكري لكل الأطراف.
• يعتبر حزب الله هؤلاء التكفيريين أدوات للصهيوني، وهذا صحيح، ولكن مهمة هذه الأدوات ليس العمل على تفتيت العمود الفقري لمحور المقاومة وهو الجيش العربي السوري وحسب، بل وتفتيت الحاضن الشعبي لمحور المقاومة عبر استدارج حزب الله وضربه عسكرياً من جهة واستثمار هذا التدخل بترسيخ الفوالق الطائفية من جهة أخرى. إذا فالأدوات تنفذ مشروعاً كاملاً ومواجهتها ينبغي أن تراعي كل غايات وأدوات هذا المشروع، ابتداءً بالمزاج الشعبي الذي يتم التلاعب به وهو ما يتطلب خطاباً يراعي حالة الانقسام العمودي ويلحظ درجة نجاح البروباغاندا الإعلامية المعادية بسبب تخلف إعلام النظام وقصور إعلام المقاومة عن سد الثغرات في اللحظة المناسبة، ووصولاً إلى خوض المعركة بكامل أبعادها، فداخل النظام هناك أيضاً بوابات عبور التدخل الخارجي كقوى الفساد التي اصطدم بها حزب الله مراراً، حيث تفيد بعض التسريبات أن قيادات الحزب ممتعضة من أخلاقيات عمل ما يسمى اللجان الشعبية على الأرض بعد أن جربت أداءاها في القصير، وهو ما يفرض على حزب الله نقداً جدياً لبنية النظام وأدائه وفاسديه وعدم الإكتفاء بالنقد في الغرف المغلقة، فالوضع صار محرجاً لحلفاء النظام فيما يرتع الفاسدون الكبار بالنهب ويتلطون خلف دماء شهداء الجيش.
• لا يلحظ خطاب الحزب حتى اللحظة المسلحين السوريين غير التكفييرين والقابلين للحوار، والتي دفعتهم مجريات الأحداث إلى حمل السلاح لأسباب شتى ومن الممكن باستقطابهم وبيئاتهم الحاضنة تخفيف الضغط على الجيش السوري وكسبهم في المعركة ضد التكفيريين.
ينبغي ختاماً التأكيد على فكرة أن كل ماوجه من انتقادات وتهم للحزب والتي تعربد على شاشات الإعلام المعادي لم تنطلق إلا من موقع استكمال مهمة العدوان الصهيوني على لبنان 2006، حين وضعت «إسرائيل» نزع سلاح المقاومة كهدف استراتيجي، وهو ما لن يحدث طالما أن المنطقة تسير تدريجياً إلى تعديل كل الاصطفافات بشكل واضح بين الوطني واللاوطني مستفيدين من تراجع المحور الأمريكي وأدواته التضليلية.