الخطوط الحمر تتساقط.. ماذا بعد؟
كثيراً ما تردد على ألسنة المسؤولين بمختلف مراتبهم ومواقعهم الوظيفية، أن سعر الخبز خط أحمر ممنوع الاقتراب منه أو المساس به تحت أي ظرف من الظروف؛ كون الخبز الغذاء الأساسي للأغلبية من الشعب السوري الفقير، والمهجر والمتشرد والنازح والمغلوب على أمره
فماذا بقي لهؤلاء الأغلبية بعد أن جردتهم الليبرالية الاقتصادية بدم بارد قوت يومهم، ولم يبق أمامها سوى حصر كميات الهواء، بما فيه الهواء الملوث الذي يستنشقه الفقراء للتحكم بكمياته، وفرض تسعيرة له لتأمين بعض الموارد التي تسعى الحكومة لتأمينها كما هي العادة التي تسير عليها «حكوماتنا» ولكن باتجاه وحيد نحو جيوب الفقراء بينما الجيوب الأخرى المليئة بالملايين المنهوبة والمسروقة، يمنع الاقتراب منها تحت طائلة الاتهام بالخيانة الوطنية لحرية رأس المال «المقدس» الذي هو خشبة الخلاص لجميع أزماتنا الاقتصادية - الاجتماعية والسياسية كما تؤكد عليه الحكومة في خطواتها المتسارعة في إنجاز العديد من مشاريع القوانين التي تعمق ارتباط اقتصادنا الوطني برمته؛ هذه المرة بالاقتصاد الإمبريالي الذي يتهاوى تحت تأثير أزمته العميقة التي أدت بالعديد من اقتصاديات الدول الأوروبية إلى الانهيار والإفلاس وفقدان شعوبها للرفاه الاجتماعي، الذي كان الغرب الاستعماري يتغنى بما حققه في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية لتخسره الشعوب في مرحلة تبني حكوماتها للسياسات الاقتصادية الليبرالية في نهاية السبعينيات.
الدستور السوري الجديد ينص في مادته التاسعة عشرة (يقوم المجتمع في الجمهورية العربية السورية على أساس التضامن والتكافل، واحترام مبادئ العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة، وصيانة الكرامة الإنسانية لكل فرد)، هذا هو نص الدستور!! الذي لم يجف حبره بعد؛ والذي تنتهك نصوصه، ومبادئه في الليل والنهار، فالعدالة الاجتماعية محققة من خلال معادلة الأجور والأرباح، والحرية مؤمنة من خلال حرية التعبير وحق التظاهر والإضراب، والمساواة محققة بين الناهبين والمنهوبين، وكرامة الإنسان تامةً من خلال مراكز الإيواء والشوارع التي يقطنها المهجرون والمشردون الذين يعتاشون على السلل الغذائية التي تتحسن بها الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية؛ حتى أصبح الفقراء مُتْخمين بالكرامة الإنسانية التي وعدهم بها الدستور، وتسلبهم إياها «حكومتهم» لتعطيها لمن تورموا وانتفخوا من قوت الفقراء.
إلى كل الذين اغتنوا من دمنا وجوعنا وتشردنا ودمار وطننا نقول لهم: سنتحد من أجل وطننا ولقمتنا وكرامتنا هذا هو مستقبلنا!!.