تقرير جديد للأمم المتحدة عن سورية...  الاحتياجات الإنسانية لا تزال بالغة الشدة رغم تراجع العنف

تقرير جديد للأمم المتحدة عن سورية... الاحتياجات الإنسانية لا تزال بالغة الشدة رغم تراجع العنف

في تقرير جديد صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وقُدِّم خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي بتاريخ 18 كانون الأول 2025، ورد الآتي: «لا تزال الأوضاع الإنسانية في سورية بالغة الصعوبة، على الرغم من تسجيل تراجع نسبي في مستويات العنف خلال عام 2025».

ويؤكد التقرير أن «ملايين السوريين ما زالوا يعتمدون بشكل مباشر على المساعدات الإنسانية لتأمين احتياجاتهم الأساسية».


أرقام ومعطيات تعكس عمق الأزمة


يشير التقرير إلى أن:
نحو 16,5 مليون شخص، أي ما يقارب ثلثي سكان سورية، لا يزالون بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة تشمل الغذاء، الرعاية الصحية، المياه، الصرف الصحي، والمأوى.
تصل الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون إلى نحو 3,4 مليون شخص شهرياً، وهو تحسن نسبي مقارنة بالعام السابق، إلا أنه لا يغطي سوى جزء محدود من إجمالي الاحتياجات.
لم يُموَّل سوى نحو 30% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025، ما يفرض قيوداً كبيرة على نطاق العمليات الإغاثية ويترك ملايين الأشخاص دون دعم كافٍ.


العودة إلى المناطق الأصلية... واقع هش


ووفق التقرير، عاد أكثر من مليوني نازح داخلي إلى مناطقهم داخل سورية منذ نهاية عام 2024، إضافة إلى عودة أكثر من 1,3 مليون لاجئ من دول الجوار. غير أن الأمم المتحدة تحذر من أن هذه العودة غالباً ما تتم في ظروف صعبة، حيث تعاني مناطق العائدين من دمار واسع في البنية التحتية، ونقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية وفرص العمل.
«على الرغم من عودة أعداد متزايدة من السوريين إلى مناطقهم، فإن غياب الخدمات الأساسية واستمرار هشاشة الظروف المعيشية يحدّ من فرص التعافي المستدام»، بحسب ما ورد في إحاطة الأمم المتحدة لمجلس الأمن.


نقص التمويل يهدد الاستجابة الإنسانية


يشدد التقرير على أن تراجع التمويل الدولي يشكل أحد أكبر التحديات أمام العمل الإنساني في سورية، ولا سيما مع دخول فصل الشتاء وازدياد الاحتياجات المتعلقة بالتدفئة والمأوى والغذاء. وتحذر الأمم المتحدة من أن أي تقليص إضافي في التمويل سيؤدي إلى خفض المساعدات المنقذة للحياة، خصوصاً للفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال والنساء وكبار السن.


الاحتياجات الإنسانية لا تزال شديدة


ورغم الانخفاض النسبي في الأعمال القتالية، تؤكد الأمم المتحدة أن الاحتياجات الإنسانية في سورية لا تزال شديدة وحادة، نتيجة تراكم سنوات من النزاع، والانهيار الاقتصادي، وارتفاع معدلات الفقر، واستمرار النزوح الداخلي، إضافة إلى مخاطر الذخائر غير المنفجرة التي تهدد حياة المدنيين بشكل يومي.


الأزمة رهن استتباب عوامل الأمان والاستقرار


في المحصلة، ما يجب التأكيد عليه أن تحسن الأوضاع الإنسانية في سورية لن يكون ممكناً من خلال المساعدات وحدها، مهما بلغت أهميتها في التخفيف من معاناة السكان. فالمعالجة الحقيقية والمستدامة للأزمة الإنسانية تبقى مرهونة باستتباب عوامل الأمان والاستقرار في مختلف أنحاء البلاد.
وذلك لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حل سياسي شامل وعادل، يضمن حق السوريين في تقرير مصيرهم بحرية، ويحفظ وحدة سورية وسيادتها واستقلالها أرضاً وشعباً، ويهيئ بيئة آمنة تُمكّن ملايين النازحين واللاجئين من العودة الطوعية والكريمة، وتفتح الطريق أمام التعافي.
وإلى أن يتحقق هذا المسار السياسي، يجب التحذير من أن استمرار غياب الاستقرار، إلى جانب نقص التمويل الدولي، سيُبقي ملايين السوريين عالقين في دائرة الاحتياج الإنساني المزمن، ويُطيل أمد واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1258