تصدير النفط الخام... بين غياب الشفافية وإمكانيات التطوير
أعلنت وزارة الطاقة في 18 من كانون الأول عن طرح مزايدة لبيع 500 ألف برميل من النفط الخام الثقيل، وتُغلَق المزايدة في يوم الثلاثاء 20 كانون الثاني 2026، فيما حُددت مدة تنفيذ العقد بـ 30 يوماً من تاريخ إبرام الاتفاق.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة يبدو قرار تصدير النفط الخام الثقيل خياراً مغرياً؛ فيضمن تدفقات نقدية سريعة ومباشرة، يمكن استخدامها في محاولة تثبيت الاستقرار المالي على المدى القصير.
ويمثل استغلال مادة تصعب معالجتها محلياً في الظرف الراهن، دافعاً آخر يدعم قرار التصدير، فمصفاتا حمص وبانياس تعملان بنسبة أقل من 50% من طاقتهما، ولا سيما أن النفط المطروح بحسب الوزارة غير مناسب للمعالجة في مصافيها.
مع ذلك، تفتقر عملية البيع إلى الشفافية المطلوبة فيما يتعلق بشروط المزايدة وآلياتها. فرغم أن المزايدات العلنية يُفترض أن تكون سبيلاً لتحقيق أكبر عائد ممكن للدولة، إلا أن غياب المعايير التي يتم على أساسها اختيار الشركات، ونقص المعلومات حول الشروط التعاقدية، وسعر المبيع، وآليات التسديد، تثير التساؤلات حول نزاهة العملية وفعاليتها. فالشفافية تتجاوز مجرد الإعلان عن فتح باب المزايدات ومن ثم الإعلان عن النتائج، لتشمل الإفصاح عن مراحل العملية كافة.
ويتعاظم هذا القصور بالنظر إلى غياب ربط هذا القرار بخطط استراتيجية لتطوير القطاع التكريري.
فالاكتفاء بتصدير النفط الخام، مهما بلغت كمياته، لا يخدم الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى. ما يجعل من استثمار عائدات التصدير الحالية في تحديث وتطوير القطاع والصناعات البتروكيماوية المحلية أولوية. بما يضمن أن الإيرادات لا تُهدر في سد العجز المالي فحسب، بل توظف بشكل استراتيجي لخلق قيمة مضافة ومستدامة.
نقل مصفاة حمص وآفاق التطوير
الأهم من عملية نقل المصفاة هو تطويرها لتصبح قادرة على التعامل بكفاءة مع النفط الثقيل من حيث الكثافة واللزوجة وارتفاع نسبة الكبريت والمعادن الثقيلة. ما يتطلب استثماراً في تقنيات التكرير المتطورة.
وبمعنى آخر، تحقيق تحول نوعي في الصناعة النفطية، والتوقف بشكل تدريجي عن تصدير النفط الخام والتركيز على تصدير المنتجات النهائية، بعد سد الاحتياجات المحلية منها، والتي تتمتع بقيمة سوقية أعلى وتخلق فرص عمل أكبر وتساهم في تعزيز الناتج المحلي. أي عبر استخدام الإيرادات الآنية لتمويل التطوير المستقبلي، وربط القرارات قصيرة الأمد باستراتيجية صناعية واضحة وطويلة الأجل.
وبالتالي، تحويل قرار تصدير النفط الثقيل من حل «مؤقت» إلى محفز تنموي يساهم في بناء صناعة نفطية متكاملة وقادرة على خلق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني.
فالهدف النهائي يتجاوز تصدير النفط الخام ونقل المصفاة وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، ويتمثل في السعي نحو خلق حلقة إنتاج متكاملة، تعزز من استقلالية وسيادة الدولة على قطاع الطاقة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1258
سلمى صلاح