الوضع الأمني في سورية: أرقام واقع إنساني معقد

جريمة منظمة وتصعيد عسكري

وفقاً لتقرير «إحاطة المشهد الأمني السوري» الصادر في تموز 2025، تشهد الجغرافيا السورية تحولات نوعية تتجاوز معدلات الجريمة التقليدية إلى مواجهات عسكرية وأمنية مركبة. فقد شهدت منطقة حلب تعزيزات عسكرية كبيرة من القوات الحكومية مع اندلاع اشتباكات متصاعدة في دير الزور والرقة بين الجيش السوري وقوات سورية الديمقراطية «قسد»، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. كما تشير التقارير إلى استهداف البنية التحتية الحيوية، حيث تعرضت شبكات المياه والمنشآت الأساسية للتهديد، فيما لا تزال الخدمات الأساسية تعاني من ضغوط شديدة بسبب استمرار النزاع والتدهور الاقتصادي.

أزمة إنسانية متعددة الأبعاد

في الجنوب السوري، خصوصاً في محافظة السويداء، تتزايد المؤشرات على أزمة أمنية-اجتماعية مركبة. فقد أدى تصاعد حوادث الخطف والمواجهات المسلحة إلى نزوح آلاف المدنيين، حيث أُغلقت 62 مدرسة كانت تُستخدم كملاجئ للنازحين، مما اضطر أكثر من 7400 شخص لمغادرة هذه الملاجئ في محافظتي السويداء ودرعا فقط. كما تواجه الخدمات الأساسية انهياراً شبه كامل.

تداعيات اقتصادية واجتماعية

في خضم هذه التحديات، يبرز السؤال الأمني كالهاجس الأوضح في المشهد السوري، حيث يعتبر مدخلاً منتظراً للاستقرار والتنمية من جهة، وبوابة لتفاهمات أمنية تشكل انفراجاً وطنياً للمضي في استحقاقات المرحلة الانتقالية. وتشكل هذه المعطيات بيئة خصبة لتفاقم معدلات الجريمة بمختلف أشكالها، خاصة مع تراجع التمويل الإنساني، حيث لم يتم تمويل الخطة الإنسانية لسورية البالغة 3.2 مليار دولار أمريكي سوى بنسبة 18% فقط، وفقاً للأمم المتحدة.

هذا الواقع المعقد يؤكد أن مؤشرات الجريمة المرتفعة ليست سوى تجلٍّ سطحي لمعاناة أعمق، حيث تتداخل الجريمة والعنف المسلح والانهيار الخدمي والتداعيات الإنسانية في حلقة مفرغة، مما يستدعي مقاربات متكاملة تتعامل مع جذور الأزمة لا مؤشراتها السطحية فقط.