الكتب المدرسية بين النقص والاهتلاك وحق الطفل...

الكتب المدرسية بين النقص والاهتلاك وحق الطفل...

مع بداية العام الدراسي الجديد في سورية، شهدت المدارس توزيع الكتب المدرسية على التلاميذ والطلاب، لكن التوزيع لم يكن كاملاً ولا عادلاً، إذ اقتصر على ما توفر من كميات في كل مدرسة. المؤسف أكثر أن معظم الكتب المسلَّمة ليست جديدة، بل قديمة، مستهلكة، وأحياناً ممزقة أو مليئة بإجابات مكتوبة مسبقاً.

هذه الظاهرة تحمل انعكاسات سلبية متعددة، خاصة على تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي– الحلقة الأولى، الذين هم في بداية طريقهم التعليمي ويحتاجون إلى أدوات مناسبة تشجعهم على التعلم.

أثر نفسي وتربوي سلبي

الطفل في سنواته الدراسية الأولى ينظر إلى الكتاب المدرسي على أنه ملكية شخصية وعلامة بداية رحلة جديدة. عندما يستلم كتاباً قديماً وممزقاً ومليئاً بالكتابات، يشعر بالخيبة وفقدان الحافز. هذا الإحباط المبكر قد يضعف تعلقه بالمدرسة ويؤثر سلباً على دافعيته للتعلم.

عوائق في عملية التعلم

الكتب المستهلكة كثيراً ما تكون غير صالحة للاستعمال، صفحات ناقصة، تمارين محلولة مسبقاً، أو رسومات مشوهة. في الحلقة الأولى، يعتمد التلميذ بشكل كبير على الكتاب لمتابعة شرح المعلم ولأداء واجباته. وجود كتب تالفة يعيق قدرته على الفهم والمتابعة، ويضع المعلم أمام صعوبات إضافية في ضبط العملية التعليمية.

غياب العدالة بين التلاميذ

بعض التلاميذ حصلوا على كتب جديدة أو بحالة جيدة، فيما تسلّم آخرون كتباً مهترئة. هذا التفاوت يخلق شعوراً بالتمييز وعدم المساواة بين الأطفال، ويؤدي إلى مقارنات نفسية قد تولّد شعوراً بالنقص لدى من لم يحصلوا على كتب جيدة.

أثر اجتماعي وتربوي بعيد المدى

الاعتماد على الكتب المستعملة بشكل مفرط يُضعف قيمة الكتاب كأداة تعليمية ويحول دون تكوين علاقة إيجابية بين التلميذ والقراءة. الطفل الذي لا يحترم كتابه لأنه قد استلمه بحالة سيئة قد لا يتعلم مستقبلاً كيف يحافظ على ممتلكاته التعليمية أو يقدّر أهميتها.

زيادة العبء على الأهل والمعلمين

حين لا يستطيع التلميذ الاعتماد على كتابه، يلجأ الأهل إلى تصوير صفحات من كتب أخرى أو شراء نسخ من السوق بأسعار مرتفعة، مما يشكّل عبئاً مادياً إضافياً على الأسر. كما يُضطر المعلم إلى بذل جهد مضاعف لتعويض النقص في المادة التعليمية.

ضمان حق الطفل في بداية دراسية لائقة

الكتاب المدرسي هو حجر الأساس في العملية التربوية، خصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي الأولى، حيث تتشكل المفاهيم الأولى للتعلم والانضباط المدرسي. توزيع كتب قديمة ومستهلكة على التلاميذ لا يقتصر على كونه مشكلة إدارية، بل يتعداه ليصبح عائقاً نفسياً وتربوياً واجتماعياً يهدد جودة التعليم ويؤثر سلباً على نشأة الأطفال.

الحل يكمن في إيجاد آلية أكثر كفاءة لتأمين طباعة الكتب الجديدة، أو على الأقل إعادة تدوير الكتب المستعملة بطريقة تحفظ جودتها قبل تسليمها للتلاميذ، ضماناً لحق كل طفل في بداية دراسية لائقة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1246