قرار رفع تعرفة «مصفات» في دمشق... تنظيم للمرور أم تعظيم للأرباح؟
كشفت محافظة دمشق في الآونة الأخيرة عن تعديل تعرفة الوقوف الخاصة بمشروع «مصفات» لتصبح 2000 ليرة سورية للساعة بدلاً من 1000 ليرة، مع منح ربع ساعة مجانية ضمن القطاع نفسه ولمرة واحدة يومياً، إضافة إلى تخفيضات مخصصة للقاطنين في قطاعات المشروع بقيمة 1000 ليرة للساعة بين الساعة السابعة والتاسعة مساءً، وذلك بعد تقديم الأوراق الثبوتية اللازمة.
ورغم أن المحافظة بررت هذا الإجراء بضرورة تنظيم حركة المرور وتأمين مواقف السيارات بشكل عادل وفاعل، إلا أن القرار أثار جدلاً واسعاً حول غياب أي إشارة رسمية إلى انعكاس رفع التعرفة على أرباح الشركة المشغلة للمشروع، في وقت يعاني فيه المواطن من أعباء اقتصادية متزايدة.
مبررات المحافظة
أشارت المحافظة في بيانها إلى أن الهدف الأساسي من رفع التعرفة هو:
- تسهيل وتأمين مواقف السيارات لرواد الأسواق التجارية والمناطق الحيوية.
- توفير فرص عمل لعدد كبير من العائلات المرتبطة بخدمة «مصفات».
- تحسين انسيابية المرور في الشوارع الرئيسية المزدحمة.
تنفيذ العقد المتعلق بخدمة مواقف السيارات على الأملاك العامة، والالتزام بقرار محكمة القضاء الإداري ومذكرة التفاهم الموقعة في 28 آب 2025.
ما لم يُذكر في البيان... الأرباح المضاعفة
اللافت أن البيان أغفل الحديث عن الأثر المالي المباشر للقرار. فرفع أجر الساعة من 1000 إلى 2000 ليرة يعني ببساطة مضاعفة إيرادات شركة «مصفات» دون أن يقابل ذلك إعلان واضح عن:
- تحسين البنية التحتية للمواقف.
- أو تقديم خدمات إضافية للسائقين.
- أو إعادة استثمار الأرباح في تطوير النقل العام أو المرافق العامة.
فربع الساعة المجانية التي رُوّج لها كميزة، لا تعوض عملياً هذا الارتفاع الكبير، خاصة أن غالبية الوقوف في المناطق التجارية يتجاوز هذا الهامش الزمني بكثير.
امتياز القاطنين... مكسب محدود أمام «خصخصة» المرافق العامة
التخفيض الممنوح للقاطنين (1000 ليرة للساعة في فترة محدودة بين 7 – 9 مساء) لا يبدو كافياً للتغطية على الانتقادات. فالخدمة أصلاً تستثمر أملاكاً عامة (الشوارع) التي من المفترض أن يستفيد منها الجميع بشكل متساوٍ، لا أن تتحول إلى مصدر ربح مضاعف لشركة خاصة.
هذا يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول خصخصة المرافق العامة وتحوّل الخدمات الأساسية إلى عقود استثمارية، حيث تُرفع الكلفة على المواطن بينما المستفيد الأكبر يبقى الشركة المستثمرة.
البعد الاجتماعي والاقتصادي
المواطن السوري اليوم يواجه ضغوطاً معيشية خانقة، وقرار مضاعفة تعرفة المواقف يزيد من تكاليف التنقل اليومي سواء للعمل أو للتسوق أو للمراجعات.
فالامتيازات المعلنة (ربع ساعة مجانية أو تخفيض جزئي للقاطنين) لا تغيّر من جوهر المسألة المتمثل بارتفاع الكلفة بشكل مباشر على الغالبية.
من جهة أخرى، «مصفات» تعزز حضورها كشركة رابحة في وقت تتضاءل فيه فرص المنافسة أو وجود بدائل حقيقية لمواقف السيارات.
تعظيم الأرباح عبر استثمار الأملاك العامة
قرار محافظة دمشق برفع تعرفة مواقف «مصفات» من 1000 إلى 2000 ليرة يُظهر فجوة واضحة بين الخطاب الرسمي الذي يركز على التنظيم والخدمات، والواقع الاقتصادي الذي يضاعف أرباح الشركة على حساب المواطن.
فبينما يُسوّق للقرار كخطوة نحو تحسين المرور وتوفير فرص العمل، يبقى جوهره أقرب إلى تعظيم الإيرادات عبر استثمار الأملاك العامة. وهو ما يثير تساؤلات مشروعة حول عدالة توزيع الأعباء والفوائد، وحول مستقبل إدارة المرافق العامة في ظل الأزمة الاقتصادية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1244