جامعة حلب... التشدد بالمخالفات الامتحانية بين الردع وحرمان المستقبل

جامعة حلب... التشدد بالمخالفات الامتحانية بين الردع وحرمان المستقبل

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بين الطلاب والأكاديميين، أوصى مجلس جامعة حلب بتشديد العقوبات بحق مرتكبي المخالفات الامتحانية، حيث نص القرار المؤرخ بـ8 آب 2025– والذي تداولته عدة كليات على صفحاتها الرسمية في «فيسبوك»– على تطبيق عقوبة الفصل النهائي من دون إمكانية عودة الطالب، وذلك في حالات محددة أبرزها: استخدام الهاتف المحمول الموصول بسماعات أثناء الامتحان، التزوير، انتحال الشخصية، أو التعدي المادي على المراقبين والعاملين في الإشراف على العملية الامتحانية.

القرار... خطوة نحو الصرامة

بررت الجامعة– ضمناً– هذا التشديد بالحاجة إلى ضبط العملية الامتحانية والحفاظ على النزاهة الأكاديمية، خصوصاً مع انتشار أساليب الغش الإلكتروني التي باتت أكثر تعقيداً مع تطور التكنولوجيا، إضافة إلى ضرورة حماية الكادر التعليمي والإداري من أي اعتداءات أثناء الامتحانات.

الجانب القانوني والإداري

من الناحية القانونية، يفترض أن العقوبات الجامعية تصدر وفق قرارات مركزية من وزارة التعليم العالي أو في إطار قانون ينظم التعليم الجامعي، بما يضمن توحيد المعايير بين الجامعات وعدم ترك القرارات الحساسة لممارسات فردية قد تختلف من مؤسسة إلى أخرى.

ويرى منتقدون أن غياب إطار مركزي واضح قد يفتح الباب أمام تضارب في القرارات بين الجامعات السورية، ويؤدي إلى تفاوت كبير في المعاملة بين الطلاب، ما يضر بمبدأ المساواة.

ردع أم إغلاق للأفق؟

تسعى أية عقوبة أكاديمية إلى أن تكون ردعية، أي تحفز الطالب على الالتزام بالقوانين عبر الخوف من عواقب المخالفة، لكن دون أن تتحول إلى حكم نهائي يحرم الطالب من فرصة إعادة بناء مستقبله التعليمي.

الفصل النهائي من دون رجعة، وإن كان يبدو رادعاً، إلا أنه يغلق تماماً أي أفق أمام الطالب المخطئ– حتى وإن كان ارتكابه للمخالفة في لحظة ضعف أو جهل بالقوانين– ما يثير تساؤلات حول التناسب بين الفعل والعقوبة.

البحث عن توازن

المطلوب، بحسب العديد من الأصوات الأكاديمية والطلابية، هو مقاربة متوازنة:
وضع معايير واضحة موحدة على مستوى وزارة التعليم العالي.
اعتماد تدرج في العقوبات، بحيث تكون أشدها مخصصة للحالات الجسيمة والمتكررة.
فتح باب الاستئناف أو إعادة التأهيل الأكاديمي في بعض الحالات، حفاظاً على مبدأ إصلاح الطالب لا القضاء على مستقبله.
بين الحزم والمرونة المطلوب نظام عقوبات عادل
الانضباط الأكاديمي ضرورة لا غنى عنها، لكن الحزم إذا فقد مرونته قد يتحول إلى ظلم. المطلوب ليس التساهل مع الغش أو التعدي، بل إيجاد نظام عقوبات عادل، يحمي نزاهة الامتحانات ويعطي في الوقت نفسه فرصة ثانية لمن يستحقها. 
فالتعليم ليس امتحاناً للطلاب فقط، بل امتحاناً أيضاً للعدالة والرحمة داخل المؤسسات الأكاديمية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1238