نقل المكب من دمشق إلى الريف... ترحيل للأذى لا حل للمشكلة
في مشهد يعكس حجم الغضب الشعبي، وقف أهالي مدينة الكسوة في ريف دمشق أمام مبنى محافظة دمشق، معلنين رفضهم القاطع لقرار نقل مكب النفايات من منطقة باب شرقي في قلب العاصمة إلى أراضي مدينتهم.
القرار الذي حاولت المحافظة تبريره بعبارات «التخفيف عن دمشق» «وتحسين الوضع البيئي»، كشف في جوهره عن عقلية إدارية لا ترى في الريف سوى مكبّ لمشاكل المدينة.
من يستحق الهواء النظيف؟
لسنوات، عاش سكان المناطق القريبة من مكب باب شرقي وسط بيئة خانقة: روائح تزكم الأنوف- حشرات وقوارض- وأمراض تتسلل إلى البيوت بصمت.
ومع ذلك، لم تُطرح حلول جذرية، بل جاء القرار الأخير وكأنه يقول: «لنحمي العاصمة... ولتتحمل الكسوة الثمن».
وكأن الحق في التنفس والعيش في بيئة سليمة امتياز حصري لسكان دمشق دون غيرهم.
الريف ليس مكباً للعاصمة
أهالي الكسوة يدركون جيداً أن المكب لن يجلب معه سوى التلوث والمخاطر الصحية، وسيدمر مساحات زراعية يعتمد عليها الكثيرون كمصدر رزق. كما أن خطر تلوث المياه الجوفية حقيقي، وسيترك أثره إلى عقود.
هذه ليست مجرد مسألة بيئية، بل قضية عدالة اجتماعية وحقوق إنسان أساسية.
السلبيات التي تم تجاهلها
ترحيل المشكلة من منطقة إلى أخرى دون علاجها.
استهداف منطقة ريفية تعاني أصلاً من ضعف الخدمات.
خلق بؤرة تلوث جديدة تهدد حياة وصحة آلاف المواطنين.
تكريس الفجوة بين المدينة والريف، وتعميق الشعور بالغبن.
إعادة توزيع الأذى
قرار نقل المكب إلى الكسوة ليس إصلاحاً، بل إعادة توزيع للأذى. إنه يعكس نظرة قاصرة تفتقر إلى العدالة والاحترام المتساوي لحقوق المواطنين، أياً كان عنوان سكنهم.
إن حماية بيئة دمشق لا يجب أن تكون على حساب خنق بيئة الكسوة. فالهواء والماء النقيان حق للجميع، لا رفاهية تُمنح للبعض وتُسلب من الآخرين.
الحل ليس بالترحيل بل بالإصلاح
الحلول العصرية لإدارة النفايات ليست خفية على أحد: مصانع تدوير- وحدات لمعالجة النفايات العضوية- مواقع تخزين مؤقت بعيدة عن أي تجمع سكاني- وسياسات فرز من المصدر. لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية ورؤية بيئية حقيقية، لا قرارات إسعافية تُسَكِّن المشكلة في مكان وتُوقظها في آخر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1238