حرائق اللاذقية... مسلسل سنوي يتجدد والخسائر تتراكم

حرائق اللاذقية... مسلسل سنوي يتجدد والخسائر تتراكم

تشهد محافظة اللاذقية وريفها في كل عام موجة متكررة من الحرائق، التي تتوزع بين الغابات الكثيفة والأحراش والمناطق الزراعية والسكنية، ويأتي حزيران 2025 ليؤكد أن مسلسل الحرائق السنوي لا يزال مستمراً، تاركاً خلفه أضراراً واسعة في الطبيعة والاقتصاد وحتى الحياة اليومية للسكّان.

أرقام ونقاط انتشار الحرائق خلال حزيران

شهدت اللاذقية خلال النصف الأول من شهر حزيران الحالي تصاعداً حاداً في عدد الحرائق، ووفق بيانات الدفاع المدني ووسائل إعلام محلية، فإن أبرز الحوادث كانت على النحو الآتي:
17 حزيران: سجلت فرق الإطفاء 47 حريقاً في يوم واحد، 28 منها اندلعت في محافظة اللاذقية وطرطوس، شملت مساحات زراعية وأعشاباً يابسة، إضافة إلى منازل وخزانات كهرباء.
18 حزيران: تواصلت الحرائق في مناطق متفرقة من الريف، وارتفع العدد الكلي الذي تعاملت معه الفرق منذ بداية العام إلى أكثر من 560 حريقاً، ما يعكس تصاعداً خطِراً في وتيرة الانتشار.
19 حزيران: نشب حريق كبير في منطقة كلماخو، عملت وحدات الإطفاء على احتوائه بمساعدة الأهالي.
20 حزيران: اندلعت حرائق واسعة في مناطق القطيلبية، عين القنطرة، وخان الجوز، واستغرقت عمليات الإخماد أكثر من 24 ساعة بفعل الرياح والحرارة المرتفعة، ولا تزال فرق الدفاع المدني تراقب المنطقة لمنع إعادة الاشتعال.

صعوبات ومعيقات تواجه فرق الإطفاء

رغم الاستجابة السريعة للحرائق، فإن فرق الإطفاء تواجه مجموعة من التحديات المعقدة التي تؤثر على فاعلية السيطرة على النيران، أبرزها:
التضاريس الوعرة في المناطق الجبلية، مما يصعّب وصول الآليات والعناصر إلى بؤر النيران.
الرياح الشديدة ودرجات الحرارة العالية، التي تؤدي إلى تسريع انتشار اللهب وصعوبة عزله.
غياب البنية التحتية الوقائية مثل الخطوط النارية الفاصلة بين الغابات والمزارع.
مخلفات الحرب، مثل الذخائر غير المنفجرة، التي تمنع دخول بعض المناطق وتعرّض فرق الإطفاء للخطر.
نقص التجهيزات، إذ تعاني بعض المراكز من قلة الآليات المتخصصة أو خزانات المياه الكافية.

الحرائق بين الإهمال والفعل العمد

لا تقتصر أسباب هذه الحرائق على العوامل الطبيعية فقط، بل تشير مصادر محلية وحقوقية إلى أن بعضها مفتعل!
الحرائق المفتعلة تتم أحياناً بهدف الاستفادة من المساحات المحروقة لاحقاً في الاستثمار غير القانوني أو التوسع الزراعي، أو للاستفادة من التعويضات في بعض الحالات.
عوامل طبيعية كالجفاف وارتفاع درجات الحرارة والشرارة الكهربائية الناتجة عن الأعمدة المكشوفة.
الإهمال، مثل إشعال النار عشوائياً في الأراضي الزراعية أو رمي أعقاب السجائر.

الخسائر البيئية والإنسانية

الخسائر الناجمة عن هذا المسلسل المتكرر لا تقتصر على الأشجار والغابات فقط، بل تشمل أيضاً ما يلي:
فقدان غطاء نباتي واسع، ما يؤدي إلى تدهور التنوع البيولوجي وتدمير الموائل الطبيعية للكائنات.
تراجع المخزون الحراجي الوطني الذي يعد عنصراً رئيسياً في التوازن البيئي ومحاربة التغير المناخي.
تأثير مباشر على السكان نتيجة تصاعد الدخان والأخطار الصحية والنفسية.
خسائر اقتصادية كبيرة للمزارعين وأصحاب الأملاك، خاصة مع احتراق المحاصيل والبنى التحتية.

الحريق مستمر والمحاسبة غائبة

تكرار الحرائق بهذا الشكل السنوي يفرض سؤالاً ملحاً: إلى متى يستمر هذا النزيف البيئي؟
فما لم تُعالج جذور الأزمة عبر محاسبة المتسببين، ورفع الجاهزية اللوجستية، وتفعيل دور الرقابة البيئية، فإن الغابات والأحراش ستبقى تحترق كل صيف، والخسائر ستتراكم على حساب الطبيعة والإنسان معاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1231