موظفون مدنيون سابقون ولكن...
لم يكن بمقدور موظفي وزارة الدفاع المدنيين في السابق استخراج جواز السفر، إلا بموافقة رسمية من جهة عملهم، أو لمهمات معينة ومحددة.
وما زال قرار منع الحصول على جواز السفر، وبالتالي إمكانية المغادرة، سارياً على غالبية الموظفين المدنيين السابقين في وزارة الدفاع، والموضوعين على رف الانتظار حالياً، وتحدد الاستثناءات بناء على طبيعة عمل الموظف وحساسية موقعه.
فيما يُفسر البعض قرار منع السفر بكون هؤلاء الموظفين كانوا يشغلون مناصب «حساسة» ربما، ما يجعل سفرهم محفوفاً بالمخاطر.
لكن هل يُعقل أن يستمر المنع بعد ما يقارب ستة أشهر على مغادرتهم لوظائفهم دون أي توضيح رسمي أو بيان؟
ليس فصلاً ... بل إعادة هيكلة
يدور الحديث عن إعادة هيكلة للوزارة، وهو السبب وراء وضع الموظفين المدنيين السابقين على لوائح الانتظار.
فمثلاً من كان يعمل في الخياطة في مؤسسة معامل الدفاع، أو في أية ورشة فنية في جهة تابعة للوزارة، عليه الانتظار ليعرف ما إذا كانت الوزارة ستستحدث ضمن الهيكلية الجديدة قسماً مرتبطاً بمهنته ليقوم عندها بمراجعتها وتقديم طلب إعادة توظيف.
فيما لا جواب سوى الصمت عند الاستفسار أو السؤال عن طلبات استصدار جواز السفر، ما يعكس تناقضاً بين مقتضيات «أمنية» لا شفافية في طرحها، وأبسط حقوق الأفراد!
مع ذلك، فإن أية خطة لإعادة الهيكلة لا بد أن تتضمن ضمانات مالية، أو على الأقل صرف رواتب جزئية إن لم تكن إعانات طارئة، ريثما يُبَت نهائياً بوضع الموظفين المدنيين السابقين؛ فهم ليسوا طرفاً في صنع القرار إلا أنهم يتحملون تبعات التأخير، مما يطرح تساؤلاً حول إمكانية فصل «الإصلاح الهيكلي» عن الاجتماعي!
حرص أمني أم عقاب جماعي
لا يوجد لدى أي من العاملين المدنيين السابقين معرفة إن كانت مبررات منع السفر تستند إلى مخاوف أمنية مشروعة، أو للتثبت ممن تورط سابقاً بالفساد، أو ربما الأمل بإعادتهم إلى وظائفهم، لكن أياً كانت المبررات فإنها تفقد جزءاً كبيراً من قيمتها بعد مرور فترة زمنية طويلة مقارنة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.
فاستمرار المنع المعمم، دون شفافية ووضوح بالمبررات، يتحول من إجراء يتعلق بالهيكلة إلى عقاب مستمر وغوص جديد في وحل البيروقراطية على حساب معيشة المواطن والأعباء الحياتية الواقعة عليه.
معاناة غير مبررة
على امتداد سورية يعيش منذ ستة أشهر آلاف الموظفين المدنيين السابقين في وزارة الدفاع، من عمال ومهندسين وإداريين وفنيين و...، حالة من القلق في ظل ضبابية القرارات الرسمية بشأن مصيرهم!
مع الأخذ في الاعتبار أن أياً من هؤلاء لم يتقاضَ راتباً أو تعويضاً منذ كانون الأول الماضي، ومعظم هؤلاء لا يجدون فرص عمل بديلة، وممنوعون من السفر، ما دفعهم إلى الاعتماد على المساعدات أو بعض الاعمال الهامشية المؤقتة، وولّد لديهم شعوراً باليأس نتيجة تفاقم صعوبة وقسوة الوضع المعيشي.
إن استمرار الوضع على ما هو عليه يطرح تحدياً حقيقياً، وحله لا يكمن في تغليب جانب على آخر، بل في إيجاد توازن يراعي الجانبين، ما يتطلب مراجعة شاملة للتشريعات واللوائح المتعلقة باستمرار حظر السفر المعمم على هؤلاء، ووضع معايير واضحة وشفافة لتحديد من يخضع لها، ومدة سريان المنع، وكيفية التظلّم منه.
فتجاهل هذه القضية، أو إرجاؤها إلى أكثر من ذلك، سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي للمتضررين أكثر فأكثر!
فهل ستُترجم «إعادة الهيكلة» هذه إلى إصلاح حقيقي، أم ستضاف إلى قائمة التناقضات المزمنة التي تدفع ثمنها الفئات الأضعف فقط لا غير؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1230