دمشق تنهار… والمحافظة تزيّن واجهتها!

دمشق تنهار… والمحافظة تزيّن واجهتها!

في مشهد بات مألوفاً في حياة السوريين، تصر محافظة دمشق على قلب الأولويات، وتكشف مرة جديدة أن ما يهمها ليس المواطن، ولا معاناته اليومية، بل «الواجهة»، و«الصورة»، و«الطراز الحديث» الذي يُراد له أن يغطي على فشل متراكم في إدارة أبسط مقومات الحياة.

فقرار توزيع إنذارات الإخلاء على مستثمري ومستأجري المحال في مبنى المحافظة بحجة «التهالك» و«تلبية حاجات المواطنين» يفتح أبواباً كثيرة من الأسئلة، لا يبدو أن المحافظة معنية بالإجابة عنها.

تماماً كحال غياب التبريرات عن مشروع تجميل قاسيون المُكلف، ذو الطابع الترفي والاستثماري الذي لن يستفيد منه المواطن المفقر والمغلوب على أمره!

هل الأولوية الآن لهدم مبنى إداري؟

في وقت تعيش فيه العاصمة دمشق أسوأ مراحلها من حيث الخدمات: طرق محفّرة- أحياء غارقة في الظلام- مياه مقطوعة- هاتف لا يعمل- صرف صحي مهترئ- وحيـاة كاملة تُدار على وقع الأزمات… تختار المحافظة أن «تطوّر» نفسها بمشروع مكلف يتطلب ميزانية ضخمة، تُقتطع بشكل مباشر أو غير مباشر من جيب المواطن.

أي منطق يُبرر صرف المليارات على واجهة إسمنتية بينما تغرق أحياء بأكملها في النسيان والإهمال؟

الحقوق لا تُهدم بالجرافات

المحال في مبنى المحافظة ليست مجرد أبنية، بل مصدر رزق لعائلات، ولها عقود قانونية بعضها قائم منذ عقود، بموجب صيغ تضمن حقوق المستأجرين.

فمن يحمي هذه الحقوق اليوم؟ ومن يعوّض العطل والضرر الناتج عن الهدم والتوقف عن العمل؟ ومن يعوّض أصحاب العقود الاستثمارية التي لم تنتهِ بعد؟

المحافظة لم تكلّف نفسها حتى عناء التوضيح، بل أوصلت رسالة واضحة: سنبدأ الهدم في 16 حزيران، ومن لم يُخلِ، فليتحمل المسؤولية!

وكأنها تقول للمواطن: «حقوقك لا تهم، ومصلحتك لا تعنينا».

أهو مشروع تنموي أم غطاء لمصالح خفية؟

المشروع المعلن باهظ التكلفة بلا شك، وتوقيته يثير الريبة.

فهل من المنطقي أن تُصرف مليارات الليرات على بناء جديد، بينما العاصمة تنهار خدماتياً؟

أم إن هناك من يرى في هذا المشروع فرصة «لاستثمار» جديد، لعقود مقاولات ومناقصات مشبوهة، ولو على حساب المصلحة العامة؟

فمن يربح؟ ومن يخسر؟ الإجابة لا تحتاج إلى تحليل عميق: المواطن يدفع الثمن مجدداً.

إلى متى؟

إلى متى يستمر التلاعب بمصير المواطنين باسم «التطوير» و«الحداثة» و«التجميل»؟

إلى متى تُهمل الكوارث اليومية التي يعيشها السكان، ليُنفق المال العام على مبانٍ وإكساء وديكور؟

وإلى متى تُنتهك الحقوق، ويُعامل أصحاب العقود وكأنهم طارئون في أرضهم؟

ما يحدث اليوم ليس مجرد مشروع إعادة بناء، إنه انعكاس لرؤية سلطوية تضع مصلحتها فوق كل اعتبار، وتعتبر المواطن مجرد رقم في دفتر الخسائر.

فهل نصمت؟ أم نرفع الصوت ونقول: كفى هدماً لما تبقّى من كرامة المواطن!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1228