كفى استغلالاً... المدارس الخاصة تسرق الأهالي علناً والدولة تتفرج!

كفى استغلالاً... المدارس الخاصة تسرق الأهالي علناً والدولة تتفرج!

رغم تعميم وزارة التربية والتعليم الصادر بتاريخ 9 نيسان الجاري، الذي شدد على منع رفع الأقساط وأجور الخدمات للعام الدراسي 2025-2026، والإبقاء على الرسوم المقررة للعام الدراسي 2024-2025، فإن الوقائع على الأرض تقول شيئاً آخر: استهتار كامل بالقوانين، وارتفاع جنوني للأقساط، واستغلال فج للأهالي، وسط غياب الرقابة الحقيقية، وصمت رسمي مخزٍ!

المدارس الخاصة لم تكتفِ بتجاهل تعميم الوزارة، بل زادت الأقساط بعشرات الملايين دون خجل، وفرضت دفعات أولى مرهقة للأهالي، دون إعلان رسمي عن الرسوم السنوية.

إنها سياسة «ادفع واسكت»، تمارسها المدارس بمنطق العصابات: من يعترض فليذهب إلى الوزارة، ومن لا يعجبه فليبحث عن مدرسة أخرى!

هكذا يتم التعامل مع أهل الطلاب الذين يكافحون لتأمين أدنى حقوق أولادهم في التعليم.

هل يُعقل أن تصل أقساط بعض الروضات إلى مبلغ يتجاوز 20 مليون ليرة سورية، غير شاملة أجور النقل، والتي أصبحت في بعض الأحيان أعلى من القسط نفسه؟

هل من المنطق أن يُرغم الأهالي كل عام على شراء لباس نظامي جديد وكتب مدرسية بأسعار خيالية وكأنها سلعة استهلاكية في سوق سوداء؟

لقد تحولت المدارس الخاصة إلى «مافيات تربوية» تمتص دماء الأهالي، تتاجر بالتعليم بلا رحمة، وسط ضعف بل غياب تام لدور الدولة في حماية الناس من هذا الجشع المستشري.

أين الرقابة؟ أين المساءلة؟ أين هيبة القرارات الحكومية التي باتت تُداس تحت أقدام أصحاب المدارس في سعيهم لمضاعفة أرباحهم؟

إن الحل واضح وجلي:

استعادة هيبة التعليم الحكومي فوراً وبلا تأخير. وعلى الدولة أن تلتفت إلى مدارسها، وأن تعيد بناءها، وأن تكرم المعلم وترفع أجره وتعوضه بما يليق برسالته المقدسة.

فالحل الجذري لهذه الكارثة لا يكمن في إصدار التعاميم فقط، بل في تفعيل دور التعليم الحكومي بشكل جاد وشامل.

على الدولة أن تبدأ بإعادة الاعتبار للمدارس العامة عبر تحسين البيئة التعليمية، وتأمين مستلزماتها كافة، وضمان بيئة صفية مناسبة للطلاب والمعلمين.

فالمعلم، حجر الزاوية في العملية التعليمية، يحتاج إلى رفع أجره، وتوفير تعويضات لائقة تليق بمكانته، وإعادة كرامته وهيبته داخل المجتمع، حتى يعود التعليم الحكومي إلى سابق عهده من الجودة والاحترام.

التعليم الحكومي يجب أن يعود خياراً أولاً، لا بديلاً اضطرارياً، حينها فقط، سينكسر جشع المدارس الخاصة، وستضطر مرغمة إلى خفض أقساطها وتحسين خدماتها، أو ستغلق أبوابها أمام عزوف الناس عنها.

فلا نهضة بلا تعليم حكومي قوي، ولا عدالة اجتماعية مع تعليم طبقي، ولا كرامة لشعب تُنهب حقوق أطفاله في وضح النهار!

كفى صمتاً، كفى رضوخاً، يجب أن تعود المدارس إلى خدمة الطلاب، لا إلى خدمة جيوب أصحابها.

فالتعليم ليس سلعة... التعليم حق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1224